ضرورة التناوب في القيام بفروض الكفايات

إنني أعترف لك اليوم؛ أنه لا أنا ولا أنت نستطيع أن نقوم بالواجبات كلها، فأنا قد أستطيع أن أقوم عنك بواجبٍ واحد من الواجبات الكفائية، وأنت تقوم بواجبٍ آخر، فإذا قمت أنا بعملٍ وأنت قمت بآخر، تم بحمد الله عمل عظيم كبير، وهذا لا يعني أننا اختلفنا في مناهجنا ودعواتنا، بل يكمل بعضنا بعضاً، ويعزز بعضنا بعضاً، فمنا من يهتم بأمر السياسة، وماذا جرى للمسلمين، ويحلل الأحداث، ويكشف مخططات الأعداء، ويبصر الأمة بالخطر الذي يهددها في عقيدتها وفي بلادها وفي ثرواتها في شبابها، إلى غير ذلك.

وهذا الإنسان لا نضطره ضرورة أن يبحث في الفقه، وأن يشتغل بالوعظ، وأن يتكلم في أمور العقائد، وأن يحيط بكل قريب وبعيد، فنقول: جزاه الله خيراً وكثر الله خيره، ويكفينا منه أنه سد عنا هذه الثغرة، وكفانا هذا الباب وهذا السبيل.

وأمامنا إنسانٌ آخر اشتغل بالفقه والتعلم، وثالثٌ اشتغل بالوعظ والإرشاد، ورابعٌ اشتغل بالدعوة، وخامسٌ اشتغل بجمع الأموال والتبرعات، وسابعٌ اشتغل بالجهاد في سبيل الله ومناصرة قضايا المسلمين، وثامنٌ وتاسعٌ وعاشر ونحن نعتبر أن هذه الأعمال كلها يكمل بعضها بعضاً، ولا يعني أن من اشتغل بشيءٍ لا بد أن يشتغل بكل شيء، وأن من أصبح شيئاً لا بد أن يكون كل شيء، يكفي أنه قام ولو ببعض الواجب.

مع أنه لابد من قدر مشترك عند الجميع، من معرفة الدين، ومعرفة العلم الشرعي الفرضي الذي هو فرض عين على كل إنسان، والاعتدال والتعقل، والحرص على مبادئ الأخوة الإسلامية، والأمة عبر التاريخ كله كانت تطبق مبدأ التخصص، ففلانٌ فقيه، وفلانٌ محدث، وفلانٌ مجاهد، وفلانٌ سياسي، وفلانٌ حاكم، وهكذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015