معرفة قريش لمفهوم الشهادتين

إن هاتين الشهادتين اللتين هما المدخل الذي يدخل منه الإنسان إلى الإسلام، ليستا مجرد كلمتين تقالان باللسان، بل هما منهج حياة كاملة؛ ولذلك فإن العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وقفوا من دعوته ذلك الموقف، لمعرفتهم بما تنطوي عليه هاتان الشهادتان من تغيير كامل لحياتهم الفردية والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والدينية وغيرها.

ولذلك فقد ثبت في الأحاديث الصحاح، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدور على القبائل في المواسم، في عكاظ، ومجنة، وذي المجاز، ومنى، فيعرض عليهم نفسه ويقول صلى الله عليه وسلم: {من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي} ويقول: {يا أيها الناس! قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا} ومن خلفه رجل ذو غديرتين يرميه بالحجارة والتراب، ويقول: يا أيها الناس! لا تطيعوه فإنه صابئ كذاب، وهذا الرجل هو أبو لهب عم الرسول صلى الله عليه وسلم.

وهذا الموقف من قريش إنما هو مبني على معرفتهم الصحيحة بالمدلول الحقيقي لهذه الكلمة؛ إذ يدركون أنها ليست مجرد كلمة؛ ولذلك لما طلب منهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقولوها، أو قال لهم: {يا معشر قريش! كلمة واحدة تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم، فقالوا: نعم وأبيك! وألف كلمة -نقولها ونقول معها ألف كلمة- فقال صلى الله عليه وسلم: قولوا: لا إله إلا الله} فانطلقوا وهم يولولون، ويقولون: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص:5] وكم يحز في النفس أن يصبح كثير من المنتسبين إلى الإسلام اليوم لا يدركون من معنى هذه الكلمة ما أدركه كفار قريش الأوائل.

فقبح الله مَنْ كان أبو جهل وأبو لهب أعلم منه بمدلول هذه الكلمة!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015