إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أيها المسلمون أيها المسلمات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، في هذه الليلة نستقبل أولى ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان، وقد خلفنا وراء ظهورنا عشرين يوماً وليلة من هذا الشهر الكريم، فذهب أكثره وبقي أقله، فالخسار كل الخسار، والبوار كل البوار أن تمضي هذه المناسبات والفرص، ونحن على ما نحن عليه من تفريط وإضاعة وإهمال، وكأننا كما وصف الله عز وجل: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا} [الأعراف:169] .
إنني أود أن أتحدث عن هذه العشر وفضلها، وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم فيها، لكنَّ هناك أمراً يقلق بالي ويؤرقني، ويجعلني مضطراً للحديث عنه، وترك الحديث عن هذه المناسبة العظيمة، ألا وهو ما نشاهده اليوم جميعاً في مجتمعات المسلمين من تحلل وفساد وانحلال.
إن المعصية إذا سترت لن تضر إلا صاحبها، لكنها إذا أعلنت وجوهر بها فإنها تضر الخاصة والعامة، ولذلك حرص الإسلام على حماية المجتمعات من مظاهر الرذيلة والانحلال، حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم: {كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل عملاً بالليل -أي معصية- ثم يصبح، فيقول: يا فلان! عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، وأصبح يكشف ستر الله تعالى عليه} المجاهر لا يعافى إلا أن يتوب إلى الله عز وجل، وما أكثر ما نجد اليوم في مجتمعاتنا من المجاهرة بالمعاصي! تلك المجاهرة التي توشك أن تحول مجتمعات المسلمين إلى مجتمعات تشيع فيها المعاصي والمفاسد، ويصبح الإنسان إذا أراد أن يستقيم يصعب عليه ذلك؛ لأن المجتمع ضده، فهو يسبح ضد التيار.