طرق أخرى

وأخيراً وليس بالأخير: جمع التبرعات، جاءني أحد الإخوة بطفله الذي لا يتجاوز الثانية عشرة بل الحادية عشرة من عمره، ومنذ زمن وهو في كل حين يأتيني بمجموعة من الأموال جمعها، هذه للبوسنة والهرسك، وهذه للصومال، وهذه لأفغانستان، وهذه لتفطير صائم، وكلما جاءه مشتر عرض عليه مشروعاً من هذه المشاريع بريال أو بريالين أو خمس ريالات، فعلى أقل تقدير المشتري يقدر هذه الهمة القوية عند شاب أو طفل في هذا السن، فيتجاوب معه، ويجمع من جراء ذلك مبلغاً، وقال لي الأخ: إني أربي ولدي منذ الطفولة ليكون شحاذاً، ولكن شحاذاً للإسلام.

ويا حبذا هذا العمل! فأنت فحين تتبنى جمع التبرعات بين زملائك في العمل، أو بين أهل الحي أو جماعة المسجد، أو جيرانك، أو أقاربك، وكذلك الأخت المسلمة تتبنى جمع التبرعات في مدرستها، أو تتبنى جمع التبرعات في مناسبة من المناسبات، أو في مسجد من المساجد، أو في وسط مجموعة من النساء لها بهن صلة وارتباط، إن الدال على الخير كفاعله، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: {من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء} .

أيها الأحبة: إنه من المؤسف أن تعلم أنه قد يقيم مغنٍِّ في بريطانيا أو أمريكا، أو ممثلة أو راقصة، يقيم حفلاً ويصرف ريعه لصالح الأعمال الإنسانية، فتحسب الأموال فإذا هي أحياناً مئات الملايين، مع أنهم كما قال الله تعالى: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ} [النساء:104] فالكافر يحب المال، بل محبة الكافر للمال أعظم من محبة المسلم، لأن المال هو كل شيء بالنسبة له، فلماذا يبذل الكافر هذا البذل العظيم وهو لا يرجو ثوابه عند الله، أما المسلم فيقبض يده بالصدقة؟ هذه نماذج عملية تحولك من مسلم عادي، أو مسلم سلبي، أو من مسلم متفرج إلى مسلم داعية، مسلم إيجابي، واعلم أنه لا يوجد تعارض أن تكون مسلماً داعية ولو كنت مقصراً، فليس من شرط الداعية أن يكون كاملاً، ولا أن يكون معصوماً، ولو كان كذلك ما دعا أحد.

أسأل الله أن يستعملني وإياكم في طاعته، ويوفقني وإياكم لمرضاته ويهدني وإياكم سواء السبيل.

اللهم اعطنا ولا تحرمنا، وأعنا ولا تعن علينا، وانصرنا على من بغى علينا، اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تعجل بنصر الإسلام والمسلمين، اللهم انصر إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك يا رب العالمين! اللهم انصرهم على من بغى عليهم، اللهم إنهم ضعاف فقوّهم، وجياع فأطعمهم، وأذلاء فأعزهم، وخائفون فأمنهم، اللهم من كان منهم ضالاً فاهده يا حي يا قيوم، اللهم إنا نسألك أن تقر عيوننا بنصر عاجل لهم، اللهم ارحم ضعف أخواتنا المسلمات في البوسنة والهرسك، اللهم ارحم ضعفهن يا خير الراحمين، اللهم ارحم ضعفهن، اللهم ارحم ضعف أولئك الأطفال، اللهم ارحم ضعف أولئك الأيتام، اللهم ارحم ضعف أولئك الشيوخ يا رب العالمين! أنت العليم بحالهم فارحمهم، وأنزل عليهم نصرك عاجلاً غير آجل.

اللهم انصر إخواننا في الصومال، اللهم انصر إخواننا في السودان، اللهم انصر إخواننا في الجزائر، اللهم انصر إخواننا في فلسطين، اللهم انصر إخواننا في مصر، اللهم انصر إخواننا في الفلبين، اللهم انصر إخواننا في كشمير، اللهم انصر إخواننا في طاجكستان، اللهم انصر إخواننا في كل مكان، اللهم اجمع كلمة المسلمين في أفغانستان يا أرحم الراحمين، اللهم أقر أعيننا بنصر عاجل للدين، اللهم إنه دينك الذي اخترته لعبادك يا حي يا قيوم، وبعثت به نبيك محمداً صلى الله عليه وسلم، فأظهره عاجلاً غير آجل على الدين كله، إنك على كل شيءٍ قدير.

ثم إننا سوف نجمع هذه الليلة -وهي الأخيرة- فابذلوا كل ما تستطيعون، وسيكون الجمع للغرض ذاته الذي جمعنا من أجله أمس وقبل أمس، وذلك لشدة الأهمية، ولأن هذا الغرض لو تحقق لربما أعفانا من كثرة سؤالكم والإلحاح عليكم في المستقبل، أسأل الله تعالى أن يقيني وإياكم شح أنفسنا، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آل محمد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015