Q هناك أحاديث كثيرة تشير إلى عمل من الأعمال، وفيه ضمان لمن أدى هذا العمل أن يدخل الجنة، مثل حديث: {الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة} وعلى هذا يفعل بعض الناس كبائر من الذنوب ويقولون: يكفي الحج، أو قد يتركون الصلاة محتجين بالحديث؟ وما صحة الحديث: {يأتي زمان يحج قراؤهم رياءً وفقراؤهم للمسألة} وهل يمكن أن يحج الإنسان للتجارة وللحج؟
صلى الله عليه وسلم نبدأ الجواب من الأخير: كونه يحج للتجارة وللحج لا حرج، كما قال الله عز وجل: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة:198] قال ابن عباس: [[أن يحج وهو يريد أن يتاجر أيضاً]] وقد أجمع أهل العلم على ذلك.
وأما حديث: {يأتي زمان يحج قراؤهم رياءً الحديث} فيما أعلم ضعيف.
قول الأخ: إن الإنسان يعتمد على هذه الأحاديث، فالذي أظنه -والله تعالى أعلم- أن قلب المؤمن لا يطيعه على ما تدعيه أيها الأخ، أي أن الإنسان الذي عنده ذرة من الإيمان لا يمكن أن يقبل على المعاصي، ويقول: يكفي الحج والعمرة؛ لأن في قلب المؤمن شيء يحرق ويدافع عن المعصية، ولذلك تجد الإنسان إذا عصى يتألم قلبه حتى يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، ولو نظرت في سير الصحابة، اقرأ مثلاً كتاب التوابين، أو التائبين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو أي كتاب آخر، تجد أن الإنسان إذا وقع في ذنب يشعر بحرقة في قلبه لا يخرجه منها إلا توبة نصوح، بل كثير من الناس يقول: لا يطمئن قلبي إلا أن يهراق دمي في سبيل الله عز وجل، فتجده يتعرض للشهادة لعله أن يموت في سبيل الله، فالإنسان الذي عنده إيمان لا يمكن أن يعتمد على مثل هذه الأحاديث فقط ويقول: أفعل المعاصي؛ لأنه قد لا يفعل هذه الطاعات، وقد لا يكون فعل هذه الطاعة بنية خالصة؛ حتى يتحقق له الأمر الذي وعد به النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذه الأحاديث تكون مرغبة للأعمال الصالحة من جهة، وتكون مزيلة للقنوط واليأس الذي يقع في نفوس بعض العصاة من جهة أخرى.