الاهتمام بالأبناء والبنات

الأمر الثاني: أنه ينبغي للإنسان أن يراقب من ولاه الله تعالى أمرهم -خاصة في هذه الإجازة- لاحظت بعيني خلال هذه الأيام القليلة؛ تسيب الشباب في الشوارع، بالأمس وأنا آوي إلى منزلي أبصرت في ساعة متأخرة نسبياً -ربما في الحادية عشرة ليلاً أو بعدها- لاحظت شاباً ربما يكون في الثانية عشرة من عمره؛ يمشي في الشارع وبيده سيجارة، فقلت سبحان الله! أهكذا تستغل الإجازة؟ صبياننا وأطفالنا وشبابنا يترك آباؤهم لهم الحبل على الغارب، يذهبون كيف شاءوا، يذهبون إلى الملاهي والشوارع، وإلى الشلل الفاسدة، وبعض الشباب يجلسون على قارعة الطريق، أو في جوانب الأرصفة يتعاطون الدخان، أو يشاهدون التلفاز، أو يسمعون الغناء، أو يطبلون ويرتكبون ما حرم الله، وربما يكون في بعض هذه المجالس فرصة لديهم لاقتناص بعض صغار السن وتوريطهم بتعاطي الدخان، ثم ربما يجرونهم من وراء ذلك إلى الحاجة إلى المال، وربما يوقعونهم في الفواحش والموبقات.

فمن الجرم العظيم أن تغفل عمن ولاك الله تعالى أمرهم، خاصة من الصبية الصغار، ينبغي أن ينظم الإنسان لهم برنامجاً، وما ينبغي للإنسان أن يكون مغفلاً يقول: هل أغلق عليهم الباب؟ لا تغلق عليهم الباب، ضع لهم الوسائل التي يستفيدون منها في هذه الإجازة، هناك فرص كثيرة، يوجد قصص للصغار، ويوجد أشرطة للصغار، وأناشيد مفيدة يمكن أن تفيدهم.

يوجد مجلات نافعة للصبية الصغار، ويوجد ألعاب، لا بأس أن تحضر لأولادك مراجيح، أشياء يلعبون بها، دراجات في المنزل لا يخرجون بها، لا بأس أن تحضر لهم جهاز الكمبيوتر إن كانوا يعرفون ذلك، فهو يصلح لمن كان في سن الثالثة والرابعة والخامسة الابتدائية وما فوق، ويوجد برامج مفيدة، برامج قرآن كريم، وحديث، وبرامج لغة عربية، ومسابقات، وبرامج ألعاب بريئة مسلية ليست محرمة، لكنها تلهي الشباب وتصرفهم عن مجالس السوء.

فينبغي أن تدركوا -أيها الإخوة- أنه من يوم أن يتعود الطفل والشاب الصغير على الخروج من المنزل؛ حينئذ تعتبر هذه خطوة كبيرة نحو الفساد؛ لأنه إذا خرج أصبح الوالد لا يتحكم فيه، ولذلك قد يوفق بأناس طيبين صالحين، كحلقة قرآن، أو مركز طيب، أو زملاء من أهل الصلاح، وقد يوفق -وهذا هو الغالب- بقرناء سوء؛ فعندئذ ليس للأب في ذلك يد، ولا يستطيع أن يمنعه منهم، ولو منعه لخرج سراً، والأب لن يقف بواباً عند باب المنزل حتى لا يخرج الولد، الأب سيسافر، وسينام وسيذهب إلى عمله.

فينبغي أن نجعل الخطوة الأساسية هي أن نربي أولادنا داخل البيوت، ولا مانع أن تصرف جزءاً من وقتك لأولادك، تخرج معهم في نزهة أو زيارة، في ذهاب أو إياب، فإذا لم تستطع فاصحبهم معك في الأعمال الضرورية، وأنت خارج إلى السوق لشراء بعض الحاجيات، اصحبهم معك، وأنت ذاهب إلى زيارة قريب أو إلى رحلة حتى يتربوا على عينك.

هذا وأود أن أقول في ختام هذه الكلمة: إن هذه الجلسة أو هذا الدرس هو الوحيد قبل الحج؛ وذلك لأنني سوف أسافر في نهاية هذا الأسبوع بإذن الله تعالى إلى المنطقة الشرقية، وأقول للإخوة الأكارم: بإذن الله تبارك وتعالى، سوف نستأنف هذه الدروس في يوم الأحد، الثالث والعشرين من شهر ذي الحجة لهذا العام، كما أن درس بلوغ المرام لهذا الأسبوع، سوف ينعقد -إن شاء الله- في موعده المحدد في يوم الثلاثاء ليلة الأربعاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015