الافتتان بالصور الجميلة

Q أنا شاب ملتزم -ولله الحمد- ولكنني مبتلى بحب الصور الجميلة، فنفسي تتحرك عند رؤية تلك الصور, أرجو منك يا شيخ أن توبخني وتلومني وتنصحني، وتبين لي طريق الخلاص من هذه المشكلة؟

صلى الله عليه وسلم مسألة الابتلاء بالصور وعشق الصور, لا شك أنه مرض في القلب خطير, ويُخشى على الإنسان منه, لأن الإنسان قد يتعامل مع الصور لكن لا يتعلق بها, فإذا حصل التعلق فحينئذٍ ينتقل المرض إلى القلب, كإنسان كان فيه مرض في ناحية من نواحي جسمه ثم انتقل هذا المرض إلى القلب, فحينئذٍ الخطب أشد.

ولذلك أوبخك بأن أقول لك: يجب أن تعلم أن الشيطان الآن يقاتلك في أخطر منطقة منك وهي القلب, يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث النعمان بن بشير المتفق عليه: {ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب} .

فينبغي أن تستدرك الأمر، وتستنفر كل ما تستطيع من طاقات وقوات في مطاردة الشيطان من قلبك, ودفعه عنك, وذلك بأمور: الأول: كثرة القراءة عن الجنة وما أعد الله لأهلها فيها, لأن في الجنة من الجمال والجلال والكمال ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ويكفي قول الله عز وجل: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:22-23] فالنظر إلى وجه الله الكريم هو أعظم نعيم ينعم الإنسان به في الجنة.

الثاني: عليك أن تعتزل هذه الصور، وتبتعد عن الأماكن التي توجد فيها قدر ما تستطيع، ولا تنظر إليها, حتى تكون عالجت الداء من أصله, لأنك إذا نظرت إلى الصورة قد تتعلق بها, لكن إذا لم تنظر تكون حسمت الداء من أصله, ولذلك كان بعض الشعراء يقول: فإنك إن أرسلت طرفك رائداً لقلبك يوماً أتعبتك المناظر رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر فيقع للإنسان الحسرة بفوات ما فاته من هذه الصور الجميلة, مع أنه لا يستطيع أن يصل إليها مهما كان, حتى الفاجر لا يستطيع أن يصل إليها.

الثالث: أن تدافع هذا الشعور في نفسك، بالذكر والاستغفار والتسبيح والتهليل وغير ذلك, فإن الإنسان إذا أكثر من هذه الأمور تعلق قلبه بها، وأصبح ينافس فيها حتى تصبح هي همه وديدنه.

ولعل هذه من العقبات والعوائق النفسية التي أشرت إليها في العقبة الأولى, فهذا أيضاً يصلح نموذجاً ومثالاً له.

والله تعالى أعلم.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015