الجانب الأول: مخاطبة المجتمع كله بالإسلام

إن كثيراً من طلاب العلم والدعاة قصروا حديثهم وخطابهم على طبقة المتدينين والملتزمين بالإسلام, هذا هو الغالب, وذلك من خلال وسائل معينة، كمحاضرة، أو ندوة، أو كلمة، أو برنامج، أو كتاب إلى آخره.

لكن في حالات قليلة يخاطبون غير الملتزمين بالإسلام, والواجب أن يتحرك الدعاة لمخاطبة المجتمع كله بالإسلام, ودعوة غير الملتزمين إلى الالتزام الإسلام، بالوسائل المناسبة، من خلال الاحتكاك والمخالطة والاتصال والدعوة، وغشيان الأماكن التي يتواجدون فيها، واستخدام الوسائل التي يمكن الوصول إليهم عن طريقها ما لم تكن محرمة, فإن الإنسان لا يجوز له أن يغشى المحرم بحال من الأحوال.

ولذلك تجد كثيراً من الناس يعيشون في عالم آخر وهم في نفس المجتمع! لا يدرون ماذا يجري في المجتمع, فكثير من الطيبين لا يدرون ماذا يجري في مجتمعات المنحرفين، فهم في عزلة عنهم, والعكس بالعكس, كثير من المنحرفين لا يدرون ما عند الطيبين, وربما ردوا بضاعتهم قبل أن يعرفوها أو يتعرفوا عليها.

فينبغي أن نقيم الجسور مع هؤلاء الناس؛ بهدف إصلاحهم واستصلاحهم ودعوتهم إلى الله عز وجل, والرسول صلى الله عليه وسلم كان يغشى نوادي قريش ومحافلهم، ويدعوهم إلى الله عز وجل, كلنا نعلم أنه كان يأتي إلى عكاظ ومجنة وذي المجاز، ويغشى منازل الناس بمنى ومزدلفة وغيرها، في مواسم الحجيج, ويقول لهم: {يا أيها الناس! قولوا لا إله إلا الله تفلحوا} والناس ينظرون إليه ويقلبون رءوسهم وأبصارهم؛ حتى قيض الله له من سمع وأجاب.

فينبغي ألا تدوم هذه العزلة بين الطيبين وبقية طبقات المجتمع, وقد يقول بعض الإخوة: فأين الولاء والبراء؟! فأقول: نعم الولاء والبراء هو مع الكافرين بالدرجة الأولى, وحتى الكافر تدعوه إلى الله عز وجل بالأسلوب المناسب، وتجب دعوته إن استطعت إلى ذلك سبيلاً, فإذا علمت إصراره وعناده فحينئذٍ تتبرأ منه.

وأما الإنسان المسلم المنحرف؛ فإن الواجب في حقه أن يدعى إلى الله عز وجل, ويسعى إلى إصلاحه بالوسائل المناسبة؛ لأنه لا يمكن أن تتوقع أن هذا المنحرف يصلح بمجرد ما تقول له: يا فلان إن ما تصنعه حرام, قد يعرف أنه حرام لكن عنده عوائق وعقبات -كما ذكرنا- تحتاج إلى إنسان يتدرج معه حتى يزيل هذه العقبات, فإذا علمت أن هذا الإنسان مصر ومستهزئ؛ فحينئذٍ تتركه وتهجره، وتتخذ طريقاً غير طريقه وتتبرأ منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015