أيها الأحبة: إنه يسرني أعظم السرور؛ حينما اقرأ بعض الرسائل من إخوةٍ يقولون عن أنفسهم: إننا عصاةٌ ومفرطون ومقصرون, لكننا نحمل قلوباً تحترق لأمر الإسلام والحقيقة أن هذه بداية العافية وهذه بداية الصحة، وبداية التوفيق, وأنت مع من أحببت، وهذا دليلٌ على أن هذا القلب فيه حياة, وفيه إيمان، وفيه إقبال, وفيه تفاعل مع قضايا المسلمين, ولعل هذا يكون سبباًَ في توبتك من المعصية, فإن لم يكن، فلعل هذا يكون سببًا في تكفير الذنب الذي وقعت فيه.
فلا يجوز أبدًا أن نعتبر أن مصاب المسلمين أو قضاياهم مسئولية فئةٍ معينة, أو طرفٍ معين, أو أنها مسئوليةٌ الحكومات مثلاً، لا بل هي مسئوليةٌ كل فردٍ مسلم, يشارك ولو بأقل القليل, ولو لم يملك إلا المشاركة بالدعاء, والله لقد رأينا بأعيننا أثر الدعاء في دفع كوارث ومصائب عن المسلمين, وفي تحقيق ألوانٍ من الخير لهم, وما يدريك أن يكون الدعاء أفتك وأمضى من الأسلحة المادية, والدعاء هو العبادة، كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم.
أتهزأ بالدعاء وتزدريه ولا تدري بما صنع الدعاء سهام الليل لا تخطي ولكن لها أجلٌ وللأجل انقضاء ما يدريك أن تكون نجاتك يوم القيامة بسبب ركعتين، قمتَ في آخر الليل قبل أذان الفجر فصليت ركعتين ودمعتَ دمعتين, وقلت: اللهم يا رب إني أسألك لعبيدك المسلمين المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها.
ما يدريك أن يكون هذا سر نجاتك؟ فيجب أن يكون عندنا تفاعلٌ مع قضايا الإسلام والمسلمين وأن لا يرضى أحدٌ منا قط بأن يقول: أنا غير ملتزم وأنا لست متديناً, وبالتالي يسلخ جسده من جسد هذه الأمة، لا يتفاعل مع قضاياها, ولا يشارك في همومها، ولا يقوم بواجباتها، لا يدعوا إلى الله، ولا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر, ولا يسعى في إصلاح, ولا يتصل بأهل الخير, ولا يسعى إلى خير, هذا لا يكون ولا يجوز أبدًا.
أسأل الله تعالى أن يجمعنا جميعًا على طاعته وتقواه، إنه على كل شيءٍ قدير, وأعتذر إليكم إن كان الوقت قد طال بعض الشيء, فالحديث كما يقول الأول ذو شجونٍ، وأسأل الله تعالى أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً, وأن يجعل تفرقنا بعده تفرقًا معصومًا, وأسأله بأسمائه وصفاته أن لا يجعل فينا ولا منا ولا معنا شقيًا ولا محرومًا, وأسأله تعالى أن يكتب لي ولكم الجنة والرضوان إنه على كل شيءٍ قدير, اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، والحمد لله رب العالمين.