عن سمرة بن جندب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته -يعني إلى وسطه إلى أسفل بطنه- ومنهم من تأخذه إلى عنقه، ومنهم من تأخذه النار إلى ترقوته} رواه مسلم وعن ابن عباس رضي الله عنه قال في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102] عن النبي صلى الله عليه وسلم {لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم} فكيف بمن تكون طعامه؟ والحديث رواه الترمذي وهو حديث حسن صحيح.
ما بالكم -أيها الأحبة- ونحن نتكلم الآن عن الغازات السامة، والقنابل الجرثومية، وننسى قطرة الزقوم، تصور قدرة الله عز وجل، الغازات السامة والقنابل الجرثومية فعل البشر، ومهما كان فهو ضعيف ومحدود، لكن قطرة من الزقوم قال تعالى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} [الدخان:43-46] لو أن قطرةً واحدة قطرت في الدنيا؛ لأفسدت على أهل الأرض كلها معايشهم، فكيف بمن يكون هذا طعامه.
قال الله عز وجل: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} [الحج:19] ليست كثياب الدنيا، ليست كالثياب التي نتجمل ونباهي بها، إنها ثياب من نار، {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج:19-22] .
هذا كلام الله تعالى، ليس بحديث فتقول: هذا حديث ضعيف، هذا كلام الله تعالى، من ينكره كافر مرتد، والمؤمن عجب له كل العجب، كيف يعصي الله تعالى ويبارزه بالمعاصي وهو يؤمن بهذا؟ نحن لا نلوم الكافر الذي لا يؤمن بيوم الحساب حين يعصي أو يقع في الإثم والزور؛ لأن هذا ينسجم مع العقيدة التي اعتقدها بالكفر بيوم الحساب، يريد أن يأخذ من الدنيا قبل أن تفوت، لكن المؤمن الذي يدين بهذا ويؤمن بهذا، ويوقن بهذا كيف يعصي ربه؟! عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: {سمع وجبة -أي صوتاً شديداً- فقال لأصحابه: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: هذا حجر رمي في النار منذ سبعين خريفاً، فالآن انتهى إلى قعرها} هذه الصخرة تتدهده في النار على مدى سبعين سنة وصلت إلى قعر نار جهنم والحديث رواه مسلم.
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن أهون أهل النار عذاباً رجل له نعلان وشراكان من نار، يغلي منهما دماغه، وإنه ليرى أنه ليس في النار أشد عذاباً منه} ما بالك بمن يقاسي نار جهنم ويصلى بها؟ ما بالك بمن يأكل الزقوم؟ ويشرب الغسلين؟ ما بالك بمن يضرب بالمطارق والمقامع من حديد، كلما أراد أن يخرج أعيد فيها؟