وفيه: أن من تجاوز الحق فإنه لا يركن إلى قرار، لقوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق:5] وأن من أراد طمأنينة النفس، وسكون القلب، وسلامة العقل والتفكير، فعليه أن يقبل على الوحي (القرآن والسنة) ليجد فيهما الجواب الصحيح لكل ما يعرض له من إشكالات عامة أو خاصة، ومن تجاوز هذا ضل: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً} [طه:123-124] ولهذا لو نظرت اليوم إلى واقع العالم؛ رأيت مصداق هذه الآية: {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق:5] .
أحياناً تقرأ ما يسمونه نظرية فيها كلام طويل، ودراسات ومناقشات، وبحوث وأمور، وتجدها مبنية على أمر تافه.
على سبيل المثال الشيوعية كانت نظرية كبيرة، ولها أنصار يعدون بمئات الملايين في العالم، وألفت فيها من الكتب والدراسات عشرات الآلاف، وتبنتها دول وامبراطوريات كاملة، وظن أناس أنه لا زوال لها، وإذا بها تنتهي في لحظة، مجرد وجود سياسي انهار، انهارت معه النظرية، فمن الذي لا يستحيي الآن أنه يتكلم عن الشيوعية؟ أكثر الناس إخلاصاً وولاءً لها يستحيي أن يتكلم عنها، حتى ولو كان عنده شيء سيسكت لفترة حتى ينسى الناس الذي حصل ليتكلم على استحياء أيضاً، حتى إنهم يقولون في أحد المتاحف أو معارض الرسم في ألمانيا أحد الفنانين رسم صورة لـ ماركس الذي أنشأ هذه النظرية الفاسدة، وهو يعتذر إلى الرفاق -صورة خيالية- ويقول: أعتذر إليكم أنا كنت أمزح -كانت مزحة- يعني هذه النظرية التي ركضوا وراءها وهتفوا لها، وأقاموا عليها دول وكيانات، وحاربوا من أجلها، وأزهقت أرواح، وسالت دماء، وصارت أموراً عظيمة!! يقول: كانت مجرد مزح، وما ذلك إلا إشارة إلى أنها ليست مبنية على شيء، فهذه عاقبة الإعراض عن الحق، لكن تجد المسلم العادي البعيد عن العلم عنده من الخير والهداية الشيء الكثير الذي لا يملكه أحياناً علماء كبار بعدوا عن هداية الله عز وجل.