إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأزواجه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيرًا.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:71] .
أما بعد:- عباد الله: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، هذا المجلس (82) من سلسلة الدروس العلمية العامة، وهذه ليلة الإثنين (20/جمادي الثانية/1413هـ) ، وعنوان هذه الجلسة: "أحاديث غير عابرة ".
إن المتتبع لأخبار المسلمين في هذه الأيام، يكاد يمرض من هول ما يسمع، ففي كل بلد نكبة، وفي كل زاوية مصيبة، وفي كل بيت مأتم ونياحة، ومع أننا لا نملك دموعنا، ولا ندارى أحزاننا، إلا أن ثقتنا بالله عز وجل وإيماننا بوعده الصادق، الذي لا يتخلف أكبر من تلك المصائب والآلام.
ولهذا يتفجر الأمل والثقة بما عند الله تعالى، من عمق المعاناة وقلبها، ففي الهند هدم الهندوس المسجد البابري، الذي كان من عهد المغول، وعمره أكثر من أربعمائة وخمسين سنة، كان طيلة هذه الأزمنة مكاناً للعبادة والصلاة والذكر وقراءة القرآن، وكم شهدت أرضه من مصلِّ وساجد، وباك بين يدي الله تعالى! وإذا به في هذا الزمن يسلط عليه أولئك المتوحشون من الهندوس، فينقضون عليه بمئات الألوف بأيديهم الفئوس والمعاول حتى سووه بالتراب، ليس هذا فحسب، بل ويقتل في أنحاء الهند ما يزيد على ألف قتيل، معظمهم من المسلمين، بسبب ما يسمونه بأعمال العنف، من الهندوس وغيرهم.
إنها مصيبة وكارثة، ولكن في عمق هذه الكارثة بشائر اللطف الرباني من الله عز وجل، والدروس المهمة التي تتجلى من خلال هذه الوقفات.