الردود العملية

Q الموضوع يناقش رد الشيخ سلمان على الشيخ الغزالي هل هناك من تعارض فيما تناولت في محاضرتك الليلة، وبين ردك على الشيخ الغزالي في كتاب "السنة النبوية بين أهل الفقه والحديث"؟

صلى الله عليه وسلم أعتقد أن ما أشرتُ إليه ينسجم مع ما في الكتاب، أو مع ردي على الشيخ الغزالي؛ لأنني قلت لكم: إني أرثي لبعض الإخوة الذين يضيقون ذرعاً بالاختلاف؛ لأن الاختلاف أمر طبيعي والقضاء على الخلاف مستحيل، وبالتالي فالخلاف يمكن أن يوجه وجهة تثري الفكر.

دعنا مثلاً من الغزالي أو من غيره الذين يكثر الحديث عنهم، لكن أفترض -عن جدل- الآن ما هو السبب للشهرة التي قد تحصل لشخص ما؟ أليست أجهزة الإعلام هي التي تساهم في صياغة عقول الناس وتؤثر فيهم، وبالتالي هي التي تضع أمامهم الشخص التي تريد؟ وأجهزة الإعلام نحن نعرف وضع هذه الأجهزة، وبيد من تدار.

إذاً: أجهزة الإعلام يمكن أن تحول قناعتنا بفلان إلى عدم قناعة، أو تقنعنا بشخص ليس كذلك.

فالتلميع والإبراز له تأثير في عقلية الإنسان ونفسيته، وبالتالي ربما يقع كثير من الناس ضحية هذا التضليل الإعلامي في أي شخص آخر -دعنا من موضوع الحديث- فأنا أقول: إنه ليس من الحفاظ على تكوين شخصية الشاب المسلم أن يتعود على أن يكون طَيِّعاً لفلان من الناس، هذا التقليد الذي فعلاً يذم، أنني أنجر لآراء وأقوال لمجرد قناعتي بالشخص، وهذا من التقليد المذموم أيضاً.

لكن على سبيل العموم أنا أقول وجهة نظري في هذه الأمور وغيرها: أننا يجب أن نتعود على تطبيع هذه القضايا، أي: تحويلها إلى أمور طبيعية، أي: ليست مشكلة أن فلاناً رد على فلان؛ وهل هذه أول قضية تحدث؟ أبداً على مدى التاريخ كانت المناقشات والردود، بل العكس هذه الأشياء هي التي تثري الفكر، وتحرك الساحة وتزيد من معلومات الإنسان، فربما بعضنا لم يقرأ كثيراً من الأشياء وليس عنده علم بها.

لكن من خلال المناقشة والأخذ والرد؛ وجد نفسه مضطراً لأن يقرأ ويراجع ويبحث، فيتكون لديه ثقافة صحيحة وعلم صحيح مبني على أصول.

الشيء الذي أكرهه كثيراً في هذه المسألة وغيرها هو: التبرم من الخلاف، واعتقاد أن تخطئة إنسان في مسألة أو في مائة مسألة يقتضي أن هذا الإنسان انتهى، وليس من الضرورة أصلاً.

فلماذا نعتقد العصمة في شخص، بحيث نرفعه إلى عنان السماء، ثم عندما نكتشف أنه أخطأ؛ نسقطه إلى الحضيض، دائماً الاعتدال هو المنهج المطلوب، فنضع الشخص في موضعه الطبيعي، بأنه إنسان -مثلاً- مجتهد وفاضل، لكن الخطأ وارد عليه.

وبالتالي: من الممكن أن نتقبل أنه أخطأ في هذه المسألة، أو تلك، أو حتى في عشر مسائل، أو مائة؛ ليس لأنه الذي رد عليه فلان أيضاً، لا يعنيني من الراد ولا من المردود عليه، فعليَّ أن أنظر في جدال الآراء والأدلة وأختار ما أعتقد أنه هو الصحيح، ودين الله ليس وقفاً على أحد، وليس هناك متحدث رسمي باسم الإسلام أو باسم الرسول صلى الله عليه وسلم.

يعني هو يعطي الكلمة الأخيرة، خلافاً لما يوجد في الكنيسة -مثلاً- فالأمور كلها قابلة للنقاش والأخذ والرد، والإنسان يأخذ الحق بغض النظر عن الذي قاله أو من قيل فيه.

وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015