Q أرجو توضيح قول النبي صلى الله عليه وسلم: {أنتم أعلم بأمور دنياكم} ؟
صلى الله عليه وسلم هذا الحديث له قصة، كما في صحيح مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى أهل المدينة مهاجراً من مكة، ومكة كما تعلمون ليس فيها نخل، فلما جاء إلى أهل المدينة، وكانت بلداً فيه نخل كثير، رأى أنهم يلقحون النخيل، فقال عليه الصلاة والسلام: {ما أظن أن هذا يغني عنه شيئاً -أي ما أظن أن هذا التلقيح ينفع شيئاً أو أنه ضروري- فلما سمع بعض الأنصار كلام النبي صلى الله عليه وسلم تركوا تلقيح النخل، فخرج شيصاً، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال: ماله؟ قالوا: سمعناك تقول كذا وكذا، فقال صلى الله عليه وسلم: إنما ظننت ظناً فإذا حدثتكم عن الله فخذوه، وإذا حدثتكم عن الدنيا فأنتم أعلم بأمور دنياكم} .
وهذا من الأشياء التي تعلم -كما ذكرت - بمقتضى الخبرة والتجربة، وليس لها مدخل في التشريع، فإن المزارع أدرى من غيره في أن النخل يحتاج إلى تلقيح كما يحتاج إلى سقي، وكذلك التاجر أعرف بكيفية إدارة الصفقات التجارية من الناحية العادية البحتة، وليس من الناحية الشرعية، ولذلك الرسول عليه السلام في أول الحديث قال: {ما أظن يغني شيئاً} فبين أن هذا مجرد ظن سبق إلى ذهن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس وحياً من عند الله تبارك وتعالى.