Q ذكرت في بداية الحديث أن علماء الشريعة لهم فضل وميزة على غيرهم، وتواردت أسئلة يبدو أنها من الطلاب الذين يشتغلون بغير التخصص الشرعي الدقيق، يسألون يقولون: التخصص في هذه العلوم لمصالح تخص المسلمين أو تهم المسلمين، هل ذلك يعارض، وهل في الحديث وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام: {من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقاً للجنة} يشمل العلم الشرعي وغيره.
صلى الله عليه وسلم النصوص الواردة في فضل العلم جملتها، في فضل العلم الشرعي وأهله وحملته، بما في ذلك النص الذي ساق السائل، أما العلوم الأخرى فمنها ما هو علوم آلة ووسيلة كعلوم اللغة العربية وهذه تابعة وعالم الشرع لا يستغني عنها بحال من الأحوال، ومنها علوم يحتاج إليها المسلمون، وهي فرض كفاية إذا لم يقم بها من يكفي أثم الجميع، وكثير من العلوم التي يدرسها الطلاب اليوم هي من هذا الباب، فالطالب الذي يتعلم بنية صالحة ويقصد أن يسد ثغرة عن المسلمين فهو لا شك مأجور، وقد يقوم بفرض كفاية ما قام به غيره، ولعل من الأمثلة على ذلك مثلاً: علم التربية، والنفس، والتاريخ، والإدارة، والاقتصاد، بل الاقتصاد له جانب شرعي، هذه العلوم أصبحت اليوم تدرس في الجامعات الإسلامية ولأولاد المسلمين كما هي في نظريات الغربيين، لعدم وجود العالم المسلم المتخصص الذي يستطيع أن يصيغ هذه العلوم صياغة إسلامية، حتى أصبح بعض الناس ينفرون منها؛ لأن فيها أشياء ليست منسجمة مع التعاليم الإسلامية، فما أحوج الأمة إلى علماء في هذه المجالات وغيرها يصوغون تلك العلوم صياغة إسلامية، لأنها علوم لابد للناس منها، ومن قام بهذا وكان هذا قصده ونيته، فلا شك أنه على ثغرة، وله في هذا أجر عظيم بقدر نيته.