Q من يقول: إني إذا راعيت شعور الناس في أعمالي فإني لن أعمل كثيراً من الحق؟ فماذا نقول له؟
صلى الله عليه وسلم أقول: إن مراعاة الناس في هذه الأمور بالأسلوب الذي تكلمت عنه تفصيلاً هو من الحق كما حرصت على إظهار ذلك منذ البداية، من الحق الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمله ودعا إليه واتخذه مبدأً في كثير من أعماله وأقواله وأحواله عليه الصلاة والسلام.
ثم إن الواقع يدل على أنك إذا راعيت شعور الناس حصلت على كثير مما تريد، وقد قال عبد الله بن المبارك: [[حسن الخلق شيء هين! وجه طلق وكلام لين]] الناس ليس في التعامل معهم صعوبة بل هو سهل، وبمجرد أن يكون وجهك طلقاً وكلامك ليناً، تحصل منهم على شيء كثير، وهذا أمر مجرب.
فليس المطلوب منك -الآن- أن تترك الدعوة أو تترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو تترك الإصلاح، لا! المطلوب أن تقوم بذلك كله، لكن أن تجعل الوسيط بينك وبين الناس جسوراً قائمة.
سمعتك بين الناس حسنة، تقوم بمصالح الناس الدنيوية، تحرص على ما ينفعهم، تتلطف إليهم بالخلق الفاضل، لا تترك سبيلاً إلى الوصول إلى قلوبهم والتسلل إليها إلا سلكته، ثم مع ذلك وقبله وبعده تدعوهم إلى الله تعالى، وستجد أن النتائج أكبر بكثير مما تتصور، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله} الحديث.
فإذا ملكت قلب هذا الإنسان فكأنك استعبدته، فأصبحَ طوعَ بنانك، فنحن لا نريد استعباد الناس لأنفسنا، إنما نريد تعبيدهم لرب العالمين.