إنني أعلق وبسرعة على هذا الموضوع بالنقاط التالية: أولاً: تقوية الجسم مطلوب، وأنا لا أعترض على أن يوجد فينا أقوياء في أجسامهم وعقولهم وقلوبهم، ولكن المشكل أن الرياضة لا تحقق ذلك، إذ يلعب عشرون أو خمس وعشرون، أما هذه الألوف فهي مكدسة على مدرجات الملاعب، لا تلعب ولا تمارس الرياضة ولا تتحرك ولا تركض، إنما أعصابها مشدودة وأصواتها مبحوحة، وهي مشغولة تماماً بما تشاهد، إذاً الرياضة لم تحقق قوة جسمية إلا لفئة محدودة، أما الأكثرون فهم مجرد متفرجين، وربما أثر هذا على صحتهم وأبدانهم، بل إنني قرأت منذ أيام طويلة في بعض الصحف، أعداداً عن أولئك الذين ماتوا على المدرجات في هذا البلد وفي مصر وفي غيرها؛ بسبب هدف لفريقه أو هدف على فريقه.
ثانياً: إن التعارف مطلوب بين الناس، بين المسلمين في بلادهم المختلفة، وبين المناطق، لكن التعارف لا يجب أن يكون بالضرورة في مدرجات الرياضة وملاعب الكرة، إنما يغلب على التعارف الذي يتم على ملاعب الكرة؛ أن يكون مقارناً بالعداوة والبغضاء، أو العلاقات المريبة بين مستويات مختلفة من الشباب الكبار والصغار، وكلنا ندري أن هذه الكرة ربما تفرق بين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجه، وبين الناس، وربما قرأ بعضكم في صحفنا أشياء غريبة في هذا الباب.
ثالثاً: شغل وقت الفراغ واجب، لكن يشغل بما يفيد، ولو أن الرياضة كانت في حدود المعقول والاعتدال، وكانت في أوقات معينة لما كان لنا اعتراض عليها، أما أن تكون هي جل هم الشباب، وجل وقت الإعلام أن يشغلهم بذلك، حتى في أيام الاختبارات أحياناً، وحتى في أوقات المواسم، يأتي رمضان فتشغل لياليه بدوري يشغل الليل كله من أوله إلى آخر، تأتي الاختبارات وتأتي الإجازات، فنجد أن أثمن وأفضل ما نقضيه في مثل هذه الأشياء هو الرياضة، فلا شك أن العاقل يدري ويدرك -حينئذ- أن المقصود تلهية الناس وشغلهم عن الجد وعن الإقبال وعن الفهم وعن الوعي، واليهود يقفون وراء مثل هذه الأشياء في الغالب؛ لمحاولة تلهية الشعوب عن مؤامراتهم وخططهم، أما هم فمنهمكون ومنشغلون بالإعداد والتسليح والتقوية والتدريب، حتى بناتهم يدربونهن على الحرب وفنون القتال.
رابعاً: المدربون واللاعبون الأجانب موجودون كثيراً في مجتمعاتنا وفي نوادينا، وأعني بالأجانب الكفار، بل ربما تعاقد البعض مع مدربين من صربيا التي تحارب المسلمين وتقاتلهم، وكثير من بلاد الغرب أو روسيا أو غيرها التي توجه سهامها وطعناتها للمسلمين؛ ومع ذلك نستقبلهم ونؤويهم ونبجلهم، ونصرف لهم أضخم الرواتب، ونصفهم بأضخم العبارات، ونقدمهم لشبابنا قدوة حسنة، وهم في الحقيقة قدوة سيئة، وبعض هؤلاء قد يكونون -أو كثير منهم كما أسلفت- من النصارى، فيعملون حركات، مثل حركة التصليب التي يفعلها بعضهم في الميدان وهو يلعب الكرة، وتنقل في التلفاز فيراها الشباب والكبار والصغار، ويقلدونها وهم لا يفقهون أن المقصود منها الإشارة إلى الصليب، حينما يشير إلى جبهته ثم صدره ثم جانبه الأيمن والأيسر.
خامساً: المعسكرات الخارجية.
نعم للمعسكرات التي تدرب الشباب، وتقوي أجسامهم وتقوي عقولهم بالثقافة، وتقوي إيمانهم بالصلاة والمحافظة عليها والدروس العلمية، لكن لا يمكن أن يقبل بتلك المعسكرات التي تضعف الرقابة عليها، وخاصة إذا كانت في الخارج، وربما تكون فرصة لبعض ضعاف النفوس في ارتكاب ما لا يحل.
سادساً: إن من المعلوم أن المجتمع كلما زاد وعيه قل نصيبه من الرياضة، وكلما ضعف وعيه أصبح مشغولاً منهمكاً في متابعة الكرة، والركض وراء أخبارها ودورياتها وبرامجها وجداولها.
سابعاً: لا أعني بكلامي قط؛ أن كل لاعب أو متابع أو مشجع أو مشغول بالكرة بعض الوقت أنه إنسان منحرف، كلا، وأرجو أن لا يسبق هذا الفهم الخاطئ إلى ذهن أحد من الناس، بل إنني أعرف من بين هؤلاء صالحين وأخياراً، أو على الأقل فئة أخرى فيهم خير وصلاح، وربما يقتصدون في ذلك بقدر معقول لا إسراف فيه ولا مبالغة، وإن كان هذا الأمر ربما أستطيع أن أقول إن ساعة أصرفها في هذا المجال أعتبر أنها خسارة.
لكنني أقول: إنه يوجد من بين هؤلاء أبرار أخيار ولا شك، وهم يتحرون الحلال ويسألون عن الأحكام الشرعية، ولا يقدمون على عمل إلا بعد ما يستفتون في حكمه.
ومن ذلك مثلاً: لما أعلن النظام الجديد الذي يسمى: نظام الاحتراف والتفرغ، أن الكثيرين يسألون قبل أن يقدموا عليه هل يجوز مثل هذا العمل؛ أن يكون متفرغاً موظفاً كلاعب في النادي يقبض منه مرتبه أم لا يجوز؟