سيتساءل البعض -وربما يكون هناك أسئلة قرأت بعضها من هذا القبيل- يقول: كأننا جعلنا عملنا إذاً بحسب رضا الناس؟! فأقول: أولاً: رضا الناس في مثل تلك الأشياء والأحوال التي تكلمت عنها هو من رضا الله عز وجل لأمور منها: أنه ليس في هذه الأشياء معصية لله تعالى، بل هذه الأمور إما أن تكون طاعة لله عز وجل أوهي على أقل الأحوال أمور مباحة لا حرج فيها؛ فرضا الناس من رضا الله.
ثانياً: أن الهدف -في كسب رضا الناس حينئذٍ- ليس لأن ننال مديحهم وثناءهم، ولا أن نسلم من شرهم، ولكن أن نحقق استجابتهم للدعوة إلى الله تعالى، إنك ستواجه الناس أيها الداعية بأشياء كثيرة خلاف ما يألفون وخلاف ما يحبون مما اعتادوا هم عليه وهو منكر، فتريد أن يتركوه وأن تفطمهم عنه.
وهناك أشياء مدعاة للكراهية ومدعاة للامتعاض منهم، فلا بد أن تعوضهم عن ذلك بتوفير بعض ما يحبونه بحيث تدفع كما يقولون: هذا يبرِّد هذا! فيكافئ أحدهما الآخر، ولا يجوز أن يكون دورك أيها الداعية مقتصراً على كلمة لا، أو كلمة حرام فحسب، بل يجب أن تقول: حرام لما هو حرام، وتقول: لا فيما يجب أن يقال فيه: لا، وأن يتعدى دورك مع هذا إلى الدور الإيجابي المؤثر في الحياة.
مثال: إذا كان عند أسرتك زواج، فأنت تعرف أنه سيقع في الزواج منكر، فلا يجوز أن يكون دورك فقط أن تقول لا تفعلوا، لا تفعلوا، لا تفعلوا؛ لأنهم لن يطيعوك حينئذٍ.
بل ينبغي أن تحجز مكاناً لقبول رأيك، فتحاول أن تخدمهم؛ فتوزع بطاقات الدعوة للزواج، تيسر الأمور، تستقبل الضيوف، تقوم بالخدمات، توفر الإمكانيات، تأتي بالبسط، والمعدات الكهربائية، والمصابيح التي يحتاج إليها، والعقود الكهربائية إلى غير ذلك بحيث تكون فعالاً ومؤثراً في عملية تيسير موضوع الزواج.
فإذا جاءت قضية الأمور التي لا تجوز قلت: لا! هنا قفوا! لا نريد أن نرتكب ما حرّم الله عز وجل، لا نريد أن نأتي بالغناء المحرم فيسمعه الناس، لا نريد أن يسمع الرجال أصوات النساء، لا نريد اختلاط الرجال بالنساء.
وهكذا يكون كلامك مؤثراً لماذا؟ لأنك أصبحت صاحب قرار، أصبحت فعلاً قد حجزت مكاناً لرأيك قبل أن تقول الرأي أو تقدمه نفسه.
أيها الأحبة لقد حيل بين المسلمين وبين معرفة حقيقة الدعاة -كما ذكرت قبل قليل- بحوائل كثيرة، فجعلوا قبول الدعوة، في كثير من الأحيان أمراً فيه صعوبة، بل قد صوّرهم الإعلام بكافة الصور، ونحن ينبغي أن نسعى دائماً وأبداً إلى إزالة هذه الصورة، وأن يعلم الناس حقيقة ما في قلوب الدعاة لهم.
وأترك ما بقى من الكلام، وهولا شك كلام مهم، ولكن أريد أن أترك بعض الوقت للأسئلة، وهذه بعض الأسئلة.