Q تقول السائلة: أنا فتاة مسلمة أخاف ربي وأصلي بفضل الله، لكني لا أخشع في صلاتي وأفتقر إلى الخشوع، أي أنني كثيرة التفكير أثناء الصلاة، بماذا تنصحني؟
صلى الله عليه وسلم الخشوع -أيها الإخوة والأخوات- هو أول علم يفقد من الأرض، ولذلك في الحديث الصحيح بمجموع طرقه عن زياد بن لبيد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {هذا أوان يختلف العلم من الناس، حتى لا يقدروا منه على شيء، فقال له زياد بن لبيد: يا رسول الله، كيف وقد قرأنا القرآن؟ فوالله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا، فقال صلى الله عليه وسلم: ثكلتك أمك يا زياد، إن كنت أعدك من فقهاء المدينة، هؤلاء اليهود والنصارى عندهم التوراة والإنجيل، فما أغنت عنهم} .
قال الراوي وهو سالم بن أبي الجعد: فلقيت عبادة بن الصامت فسألته، فقال: [[إن شئت لأحدثك بأول علم يرفع من الأرض: الخشوع، يوشك أن تدخل المسجد الجامع، فلا ترى رجلاً خاشعاً]] والخشوع: حالة في القلب -ليس هو تكلف الدمع والبكاء- لا يملك الإنسان لها دفعاً، وهي مرحلة تحتاج إلى صبر ومجاهدة ووقت واستمرار.
أما الذي يظن أن هذه الأشياء سوف تأتيه بمجرد أنه يريدها فهذا صعب، فعلى الإنسان أن يجاهد نفسه على تفهم القرآن، وعلى استحضار القلب في دعائه وذكره، وعلى تغيير الأذكار الذي يدعو بها والتنقل بين الأذكار الواردة، وكذلك التنقل بين السور القرآنية فلا يداوم على سورة يقرؤها في كل صلاة، بحيث قد يقرءوها وقلبه غافل، بل يحرص على أن يختار اختياراً حتى يستحضر قلبه، ومع المجاهدة تحصل الهداية: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69] .