فقد ترى شخصاً على منكر، فتنكر عليه بلطف وبكلمة طيبة، فيجادلك فتجادله بالتي هي أحسن، فإذا سبك هذا الإنسان أو نال منك أو سب قبيلتك فنجد أنك بسرعة غضبت وثارت أعصابك، وتكلمت عليه بما لا يحسن وما لم يحدث منك حين رأيت المنكر! وهكذا تكتشف يا أخي الحبيب أنك غضبت لنفسك، أو أنني أنا إن كنت صاحب الموقف غضبت لنفسي أكثر مما غضبت للحق الذي رأيته مهدراً أومن المنكر الذي رأيته قائماً أومن المعروف الذي رأيته متروكاً.
والداعية بشر على كل حال، ونحن لا نطالب بأخلاق الملائكة، وإنما نطالبه أن يحاول أن يقتدي بأخلاق الأنبياء، فمسئوليته كبيرة ومكانته ليست كغيره: قد هيؤوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل وفي الصحيحين يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب} والله ما أجمل أن أجلس على هذا الكرسي وعلى هذه الماسة، وأتكلم معكم بالكلام الطيب والأخلاق الفاضلة، ونسرد فيها القصص، لكن ربما من أقل موقف يذهب كل هذا أدراج الرياح، وتعود حليمة إلى عادتها القديمة! ما صنعنا شيئاً إذا كان الأمر كذلك.
ينبغي -أيها الإخوة- أن يتحول هذا الكلام إلى منهج عملي لنا في أشخاصنا، وفي ذوات نفوسنا، وإلا فلا فائدة في الكلام حينئذ.