ومما يجب أن يراعى أيضاً ألا يكون في أسلوب الداعية في إنكاره للمنكر نوعاً من التسلط أو ممارسة -كما يقولون- الأستاذية على الآخرين، وإشعارهم بأنهم لا بد أن ينفذوا منذ البداية.
بل إن أمكن أن ينفذ الناس ويغيروا من قبل أنفسهم وبواسطة قناعاتهم الذاتية؛ فهذا هو الأفضل والأمثل، فأحياناً تجد على إنسان خطأً فلا تأت من منطلق أنك أستاذ أو أنك فوقه أو أن لك سلطة، فتقول له: غيِّر وتأمره منذ البداية بالقوة، ربما تأخذه العزة بالإثم فيرفض، لكن لو أتيته -كذا لو كان لك سلطة- في البداية تأتيه بالأسلوب الحسن وبالكلمة الطيبة وبالمحاولة، وكأنك لا تملك أية وسيلة إلا الكلمة، فحينئذٍ ربما يقتنع ويغير من ذات نفسه، ويكون هو نفسه أكثر حماساً منك -ربما- لتغيير هذا الأمر، والحكمة يحصل الإنسان بها على أشياء لا يمكن أن يحصل عليها بالقوة.