أما الأمر الأخير والمهم في دراسة السيرة فهو أنها مادة للاجتماع وأسلوب للتقارب الحق بين المسلمين المختلفين، والواقع يشهد أنه لم يحدث أن اجتمعت كلمة المسلمين في بقاع الأرض على مذهب من المذاهب، أو حزب من الأحزاب، أو على كتب ومؤلفات عالم من العلماء، ولكنهم اجتمعوا واتحدوا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم سلفاً ويمكن أن يتحدوا خلفاً على ذلك.
وهذا يستدعي قراءة السيرة النبوية وتحقيقها ليجتمع المسلمون على كلمة سواء، واجتماع المسلمين هدف جليل ينبغي أن يُسْعَى له، وينبغي أن يُفَكِّر في وسائله، وينبغي أن يفكر كذلك في الأمور المعينة عليه، وفي ظني أن فقه السيرة النبوية مدخل أساسي، ووسيلة مهمة لجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى.
أسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى، وأن يؤلف قلوبهم وأن يصلح ذات بينهم، وأن ينصرهم على عدوهم وعدوه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وأعتذر عن إعطاء هذا الموضوع حقه، فثمة إشارات ينبغي أن يتحدث بها لمن يريد أن يفي الموضوع حقه، لكنني أكتفي بهذه العجالة تقديراً للزمن واعترافاً بالتقصير، وأسأل الله تعالى أن ينفعني وإياكم بما نسمع، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.