الخاصية الثانية التي تمتاز بها سيرة النبي صلى الله عليه وسلم بعد تكامل مصادرها: الشمول في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه النسخ التي نجدها عن المرسلين السابقين على الرغم من قلتها لا نجد فيها وصفاً شاملاً وجامعاً لمراحل حياتهم، وتفصيلاً كاملاً لمواقفهم مع أممهم، الأمر الذي نجد عكسه في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث يمكن للمطلع عليها الوقوف على مولده، ونشأته، وحياته قبل البعثة -أعني محمداً صلى الله عليه وسلم- وكيف بعث؟ وموقف قومه من بعثته، وهجرته، ودعوته، وبناء دولته، وتربية أصحابه إلى غير ذلك من الأمور التي يتعذر معرفتها في بقية أنبياء الله ورسله عليهم السلام، وليس ذلك بقادح فيهم، ولكنها حكمة الله جلت قدرته جعلت سيرة هذا النبي المصطفى تحفظ؛ فهو آخر الأنبياء والمرسلين.
بل إن الشمول في سيرته عليه الصلاة والسلام يمتد ليغطي مناحي الحياة كلها، فيخرج المطلع عليها بتصور كامل عن النواحي العبادية وأمور المعاملة، وتتسع هذه السيرة المحمدية لتشمل الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية وغيرها، بل إن الشمول في سيرته صلى الله عليه وسلم يعني كذلك اهتمامها بأمر الدنيا والآخرة.