تجد من هؤلاء الصحابة من منّ الله عز وجل عليه بالعلم الغزير، كـ عمر بن الخطاب، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة، وغيرهم.
وفيهم نقول ونصوص عن السلف يهتز لها الإنسان طرباً كما في قول بعضهم: " إني نظرت في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فوجدتهم كالإخاذات، من الإخاذ يروي الفرد، ومن الإخاذ يروي الفردين، ومن الإخاذ يروي الثلاثة، ومن الإخاذ يروي الفئام من الناس، ومن الإخاذ لو ورد عليه أهل الأرض كلهم لوسعهم، وإن ابن مسعود من هؤلاء " وقال عمر رضي الله عنه عن ابن مسعود: [[كنيف ملئ علماً]] يعني زاوية أو ناحية ملأت علماً، وهذا في فضائل الصحابة للإمام أحمد وغيره.
ومن الصحابة من منّ الله عز وجل عليهم بالزهد، والورع، والتعبد والبعد عن الدنيا، كـ أبي ذر رضي الله عنه وأرضاه حتى بلغ به زهده رضي الله عنه وتقشفه أنه سلك مسلكاً ومذهباً أصبح لا يصلح فيه لمخالطة الناس، فقال له عثمان كما في صحيح البخاري: [[لو اعتزلت أو لو ذهبت إلى الربذة]] يقترح عليه، فرأى أبو ذر أن هذا الاقتراح من عثمان في مكانه، فذهب إلى الربذة، وأقام فيها حتى مات بها رضي الله عنه وأرضاه؛ وذلك لأنه يرى أنه لا يجوز للإنسان أن يدخر ما زاد عن القوت.
وهذا مسلك يصلح أن يتزهد به الإنسان لنفسه، لكن أن يفرضه على المجتمع فهذا الأمر في غاية الصعوبة، وقد يؤدي إلى شيء من الخصام، ولذلك فقد حدث في الشام حين كان فيها أبو ذر ما حدث، فخاطبه معاوية رضي الله عنه، ثم أشخصه إلى عثمان بالمدينة.