حقيقة المجدد

Q قد يثير بعض الناس شبهة أو استفساراً حول قول الرسول صلى الله عليه وسلم {يبعث على رأس كل مائة سنة مجدد} فيقول: نحن لم نر مجدداً سوى محمد بن عبد الوهاب، فماذا نرد على هذه الشبهة؟ أفيدونا أفادكم الله؟

صلى الله عليه وسلم يقول العلماء رحمهم الله [[عدم العلم لا يعني العلم بالعدم]] وهذه القاعدة مفيدة هاهنا، عدم علمك بالشيء لا يعني أنه غير موجود أي: لا يعني علمك بعدمه.

فنقول لهذا السائل أو هذا المشبه، نقول له عدم علمك بوجود مجددين لا يعني عدم المجددين وعدم وجودهم، فعدم العلم لا يعني العلم بالعدم، وقد مَنَّ الله على هذه الأمة بمجددين على مدار القرون، سواء على شكل أفراد أو على شكل مجموعات وطوائف.

ومن أشهر المجددين: الإمام الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز وقد عده الزهري ومن بعده من العلماء من مجددي أو هو مجدد القرن الأول، ولا يعني أنه بالضرورة انفرد بذلك، بل لا يمنع أن يكون له نصيب من التجديد وهو النصيب الأوفر ولغيره من حوله نصيب كذلك.

ومن المجددين المعروفين الإمام أحمد، والإمام الشافعي وغيرهما، وقد عد العلماء في كل قرن مجدداً، وممن عد ذلك واستقصى القرون -على سبيل المثال لا على سبيل الحصر- الإمام ابن الأثير، في كتابه جامع الأصول، حين شرح هذا الحديث.

وممن عدهم: الإمام الذهبي أيضاً، والمناوي في فيض القدير، والسيوطي في رسالة له مخطوطة، اسمها: التنبئة فيمن بعثه الله على رأس المائة، وغيرهم.

ولكن لا يلزم أيضاً أن تجد في كل قرن فرداً أطبقت الأمة على أنه هو المجدد، بل قد يكون المجدد أكثر من فرد، فيكون -مثلاً- في الجزيرة العربية مجدد، ويكون في بلاد الهند مجدد آخر وفي الشام وفي مصر وفي غيرها، بل قد يوجد المجدد لجانب من جوانب الدين، كأن يجدد في جانب الفقه والحديث مثلاً، وآخر يجدد في مجال نشر العقيدة السلفية الصحيحة، وثالث يجدد في مجال الدعوة إلى الله عز وجل، ورابع يجدد في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخامس يجدد في مجال إحياء الجهاد في سبيل الله وهكذا، لأن قوله صلى الله عليه وسلم: {من يجدد لها} مَنْ يمكن أن تحمل على الفرد وعلى الجماعة، ولا مانع من ذلك، ولم يرد حديث صحيح يدل على أن المجدد فرد، والقول الراجح أن المجدد طائفة ولا يلزم أن يكون فرداً.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015