ثانياً: الرقابة على انسجام القرارات والأنظمة مع الشريعة الإسلامية إذاً: لا قيمة للنص على حقوق الإنسان وكرامته وحفظ شخصه وماله ودينه وعقله وبيته ومراسلاته وماله وغير ذلك إذا كان الحاكم لا يحترم هذه النظم، بل يخالفها متى شاء لمصلحته أو لمصلحة طرف آخر.
كيف تكون الرقابة؟ في العالم الغربي تكون من خلال البرلمانات أو الوسائل والمؤسسات المتعلقة بقواهم الديمقراطية، لكن في العالم الإسلامي أو في النظام الإسلامي يمكن أن تكون الرقابة أولاً من خلال القضاء، القضاء الذين يكونون فوق مستوى الخوف وفوق مستوى الذل إلا لله عز وجل، فهم يشكلون رقابة حقيقية على هذه الأشياء.
كذلك الرقابة الشعبية، ورقابة جمهور المسلمين متى عرفوا الحق وعملوا على تحصيله، فإن الرأي العام بوسائله ومؤسساته المختلفة يستطيع أن يؤثر تأثيراً كبيراً وبليغاً، عن طريق الجمعيات -مثلاً- أو وسائل الإعلام المختلفة، ومنها -أيضاً- المنابر التي يمكن أن ترشد الناس إلى الحق وما يجب أن يفعلوه وما يجب أن يتركوه، كما ترشدهم إلى الواجب الذي عليهم أن يقوموا به.
كذلك قضية الشكاوي والعرائض فإنها من الحقوق المضمونة بشريعة الإسلام، ثم هي مضمونة بحقوق الإنسان كما قلنا وبحسب الكلام الذي يذكرونه في الكتب يذكرون هذه الأشياء وغيرها، إنما نحن لابد أن نراعي في ذلك ما يتوافق مع شريعة الإسلام.
فإذاً لابد من نزاهة القضاء واستقلاله وعدالته وعدم خضوعه لأي ضغط مهما كان، كما قال صلى الله عليه وسلم: {إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه} .
كذلك لابد من وجود قضاء المظالم، وهو معروف عبر التاريخ الإسلامي، الذي يتلقى الشكاوي، الشكاوي ضد أي شخص مهما كبرت مسئوليته وعظم قدره وكان ذا نفوذ أو منزلة، بل لو كانت الشكوى ضد جهة حكومية أو غير حكومية فإن قضاء المظالم يتولى هذه المسألة، وله صلاحيات واسعة في النظر فيها، بل له صلاحيات تنفيذية في رد الحق إلى أصحابه وانتزاعه من الظالم.