رابعاً: بعضهم وبعضهن يقولون: لن يسمع مني، ولن يزول هذا المنكر فما هو الداعي إلى أن أكلف نفسي؟ وهنا تأتي القضية بعض الشباب يريد أنه بمجرد أن يقول كلمة تزول المنكرات، وهذا ليس صواباً، حتى تصور أن الحاكم بجرة قلمه يستطيع أن يزيل المنكرات كلها، وهذا ليس بصحيح، بل الأمور كلها لابد فيها من مراعاة التدريج لكن الشيء الذي نطلبه هو أن يكون عندنا جدية وصدق في إزالة المنكرات، وبداية صحيحة بحيث نطمئن إلى أننا بدأنا ووضعنا أقدامنا على طريق التغيير، أما إزالة المنكرات كلها بجرة قلم وبلحظة فهذا لا يتصور، وليس بسهل، إن إزالة المنكر أمامه عقبات، والمنكر قد امتدت جذوره في واقع الناس، وله مؤيدون وله أنصار، وله منافقون يحامون عنه إلى غير ذلك، فتصور الأمور بهذه البساطة غير صحيح، لكن أنت إذا أنكرت كسبت أموراً: أولها: أنك قاومت المنكر من نفسك؛ لأنك أنت نفسك مهدد بأن المنكر يصل إليك، وممكن أن تقع فيه، فإذا أنكرته تكون سلمت منه بإذن الله تعالى.
ثانيها: كسبت الأجر في القيام بهذه الفريضة والشعيرة التي هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ثالثها: قد تقلل من المنكر، تقلل منه.
رابعها: قد تزيله.
خامسها: على أقل تقدير قد تمنع حدوث غيره؛ لأنه إذا كان هناك من يريد أن يفعل منكراً أكبر من الواقع الآن، ووجد أنك حتى المنكر الموجود الآن لم تهضمه ولم تقبله، وأنك ترفضه وتنكره، فيقول: إذاً كيف أريد أفرض عليه منكرأ أكبر، فعلى أقل تقدير تمنع من حصول المنكر الذي يمكن أن يقع.
وفضلاً عن هذا وذاك فإن أقل ما نجنيه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ألا تستقر المنكرات حتى تصبح كأنها معروفاً؛ لأنه إذا لم يوجد من يأمر وينهى، فإنه يهرم عليها الكبير، وينشأ عليها الصغير، وتصبح حقاً ومعروفاً، إذا تركت قيل: ترك الحق وترك المعروف وتركت السنة، لكن إذا وجد أولوا بقية ينهون عن الفساد، يكفي أنهم يقولون للناس بملء أفواههم: يا ناس هذه منكر وهذا لا يجوز، وقد يأتي يوم من الأيام من يستطيع أن يزيله أو يغيره بأي وسيلة.