وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، من الأحاديث في ذلك الكثير الطيب، فمن ذلك ما في صحيح مسلم عن الأغر المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إنه ليغانُ على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة} وعن ابن عمر رضي الله عنه نحوه وفي صحيح مسلم -أيضاً- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها} وفي الحديث المتواتر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، الذي رواه ابن مسعود ٍ والنعمان بن بشير، وأبو هريرة، وأنس وغيرهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأصحابه: {لله أشد فرحاً، بتوبة عبده، من أحدكم كان بأرضٍ فلاة، ومعه راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه، فنام تحت ظل شجرة فذهبت هذه الراحلة، فطفق يبحث عنها حتى إذا أيس منها، رجع إلى تلك الشجرة، ونام تحتها ليموت، فلما استيقظ نظر فإذا راحلته عند هذه الشجرة، قد أمسكت بها أغصانها، وعليها طعامه وشرابه وزاده، فقال هذا الرجل: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح!!} وهذا فيه دليلٌُ على إثبات صفة الفرح لله عز وجل، وإن الله ليفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه وأناب، أعظم وأشد من فرحة هذا العبد الذي ضيع راحلته، وعليها طعامه وشرابه؛ حتى أيقن بالهلكة، فساقها الله تعالى إليه على غير انتظار، إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في فضل التوبة.
وقد يتساءل كلُ فردٍ منا، أو كثير منا، فيقول: إنما التوبة للعصاة، والمذنبين، ولسنا بالضرورة عصاة أو مذنبين، فكيف نتوب؟! وهذه مشكلة تقع لكثير من الناس، حين تقول لإنسان: يا أخي استغفر الله، يقول لك: وهل عصيت الله حتى استغفره!! وجاء أحدهم إلى مريض على سرير مرضه، فقال له: (لا بأس عليك طهورٌ وتكفيرٌ لذنوبك إن شاء الله) فقال: وهل أنا عاصٍ حتى تكون هذه الآلام والأمراض تكفيراً لذنوبي، وهذا من جهل العباد بقدر أنفسهم وما يصدر منهم، وجهلهم -أيضاً- بحق الله تعالى عليهم، وأن العبد لو قضى حياته كلها ساجداً، راكعاً لله ما أدى حقه.
ما للعبادِ عليه حقٌ واجبُ كلا، ولا سعيٌ لديه ضائعُ إن عُذِّبوا فبعدله أو نُعِّمُوا فبفضلهِ وهو الكريمُ الواسعُ