البكاء من خشية الله

Q نسمع ونقرأ في سيرة السلف رضي الله عنهم أنهم كثيراً ما يبكون عند سماع القرآن وأخبار الصحابة، لماذا نحن لا نبكي عند سماع القرآن ابتداءً، وعند المواعظ، والخطب؟! وكيف السبيل إلى البكاء من خشية الله تعالى؟

صلى الله عليه وسلم نعم {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} [الإسراء:107-109] فالخشية، والخشوع هو العلم يا أخي الكريم، العالم الحق هو الذي يخشى الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28] قال الله عز وجل عن الذين أمنوا من أهل الكتاب: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة:83] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لـ ابن مسعود: {اقرأ علي القرآن، قال: أقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، قال: فقرأت عليه سورة النساء حتى أتيت قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً} [النساء:41-42] قال: حسبك الآن، قال: فالتفت فإذا عيناه تذرفان صلى الله عليه وسلم} .

وقد قام ليلة حتى أصبح بآية: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:11] يرددها ويبكي.

أبو بكر رضي الله عنه كان رجلاً أسيفاً، إذا قرأ القرآن بكى، حتى لا يسمع صوته، ولا يدرى ما يقول يختلط كلامه رضي الله عنه وأرضاه، ولذلك لما قال صلى الله عليه وسلم: {مروا أبا بكر فليصل بالناس قالت عائشة: يا رسول الله! إن أبا بكر رجل أسيف يبكي، إذا بكى لم يسمعه الناس.

} عمر رضي الله عنه قرأ قول الله عز وجل في سورة يوسف: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [يوسف:86] فبكى قال عبد الله بن شداد: سمعت نشيجه وأنا في آخر الصفوف.

هذا عمر الرجل القوي الجلد، كان يبكي، بل كان يقرأ رضي الله عنه وأرضاه الآية من كتاب الله تعالى فيمرض فيجلس أياماً يعاد في بيته.

القرآن الكريم هو دواء القلوب أقبل على القرآن، تغن بالقرآن، اقرأ القرآن في خلواتك، تدبر الآيات، قف عندها، رددها، تأملها، عالج قلبك بالقرآن.

والقلب الذي لا يشفى بالقرآن هذا لا حيلة فيه {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:185] {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الجاثية:6] الذي لا يشفيه القرآن لا شفاء له، والذي لا يتعظ بالقرآن لن يتعظ (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) .

هناك وسائل أخرى لترقيق القلوب، منها: الإحسان إلى اليتامى والفقراء والمساكين، منها: صلة الرحم، منها قيام الليل، منها طلب العلم، منها كثرة الدعاء، منها الجلوس في مجالس الذكر، منها صحبة الأخيار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015