حقيقة التطبيع

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:- أيها الإخوة: أفادني بعض الإخوة من أصحاب التسجيلات أن رقم هذا الدرس هو السابع والأربعون، خلافاً للتسلسل الذي سرنا عليه منذ عدة دروس، فلذلك تم هذا التعديل بناءً على أنني ربما أسقطت رقم أحد الدروس.

أما هذه الليلة فليلة الإثنين التاسع عشر من شهر جمادى الأولى من سنة (1412هـ) وعنوان هذا المجلس هو: التطبيع، ولعل الكثير يتساءلون عن التطبيع، وماذا نعني بهذه الكلمة.

وأقول أيها الإخوة إذا أدركنا أن الحرب اليوم في العالم كله ليست مجرد حرب في ميدان السلاح والقتال، وإنما هي حرب تتعدى ذلك إلى ميادين أخرى من ميادين الفكر، والعلم، والتقنية، والتقدم، وغيرها، بل وميادين الصراع في المجالات الاقتصادية، والمجالات الزراعية، ومجالات المياه، وغيرها، وأدركنا أن مفهوم الحرب قد تطور وأصبح مفهوماً شاملاً واسعاً، فكذلك مفهوم السلام لم يعد مفهوماً ضيقاً مقصوراً محدوداً، بل هو الآخر مفهوم شامل واسع.

فالتطبيع هو مصطلح من مبتكرات الصراع العربي الإسرائيلي، يقصد به تحويل آليات الصراع إلى آليات للسلام، والمهادنة والتقارب بين الأطراف المتصارعة، وهو يعني: التبادل السلمي النشط في كافة المجالات.

مثلاً: - التسليم بوجود إسرائيل.

- مراجعة العقل العربي المسلم الذي يناصب اليهود العداء، تصحيح تصورات المسلمين في زعم اليهود أيضاً، تصحيح تصوراتهم عن اليهود ليفهموهم من جديد، على أنهم شعب -كما يريد لهم اليهود أن يفهموا- شعب وديع محب للسلام.

- إحداث تغيير في نمط السلوك الإسلامي حيال اليهود ودولتهم إسرائيل.

- التسليم بالمطالب الأمنية والإقليمية التي تحتم بالتالي قيام علاقات دبلوماسية وتبادل سياسي واقتصادي وسياحي، وتكامل في كافة المجالات الحيوية بين اليهود وبين جيرانهم من العرب والمسلمين.

فهذا هو المقصود بكلمة التطبيع إذاً، وهي خلفية السلام الذي يتكلمون عنه، ويكون غطاء لأمر آخر أبعد منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015