النقطة الأولى: الإجازة الصيفية وقد طرقت أبوابنا؛ بل مضى منها جزء.
وحول الإجازة أقول باختصار: الإعلانات.
إعلانات السفر تملء صحفنا ومجلاتنا إعلانات السفر للكبار والصغار، والهدايا والجوائز والأسر؛ بل وحتى الأطفال! وكثير من وكالات السفر تقدم الخدمات والتسهيلات للرحلات التي تعلنها وبأسعار مخفضة إلى بلاد الغرب، وأحيانا إلى بعض المواقع التي يغلب على من يذهبون إليها؛ أنهم يذهبون لأغراض شهوانية دنيئة رديئة، وهذا مما يجب إنكاره، ودعوة هؤلاء إلى أن يتقوا الله تعالى في أولاد المسلمين وبناتهم.
وبالمقابل وفي الوقت الذي نجد فيه الكثير من الناس يحزمون حقائبهم ويشدون أمتعتهم للسفر إلى بلاد بعيدة حواجز اللغة تحول بينهم وبينها، وربما لأول مرة يطرقونها، بلاد مخالفة لهم في العادات وفي التقاليد، وقبل ذلك في الدين، ويجدون فيها صعوبات جمة، يتجشمون الصعاب كلها من أجل شيء يسمونه السياحة، أو المتعة أو اللذة أو الخبرة التي يحصلون عليها -كما زعموا.
إني أسأل -وموضوعنا اليوم هو موضوع الدعوة-: كم من الناس -من الدعاة وطلبة العلم والأخيار- قد حزموا أمتعتهم ليقوموا بجولات وأسفار ورحلات، لكن لهدف مختلف؟ لهدف الدعوة إلى الله، وأن يصلحوا من أمر الناس ما فسد؟ سواء أكانت تلك الجولات على مستوى المنطقة؛ فإن في هذه المنطقة -على سبيل المثال: منطقة القصيم- مئات القرى النائية، التي أهلها بأمس الحاجة، وأحياناً يكونون بأمس الشوق والرغبة؛ إلى من يدعوهم أو يسمعهم الخير أو يعلمهم ما جهلوا من الأحكام.
كم يوجد من الحملات والجولات التي تستهدف زيارة الناس على مستوى البلاد كلها؟ فيذهبون إلى مناطق الشمال أو الجنوب، أو إلى المنطقة الشرقية، أو إلى أنحاء المنطقة الوسطى، ويزورون الناس في قراهم ومدنهم ومراكزهم وأماكنهم، ويخطبون فيهم، ويتحدثون معهم، ويوزعون الكتب والأشرطة، ويدعونهم إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة.
إن مثل هذه المهمة النبيلة الجليلة؛ مما ينبغي أن نتنادى إليها ونتداعى، ونحن نستقدم أيام الإجازة الصيفية، وينبغي أن يكون لكل واحد منا شرف المشاركة.
ولو أن يكون لك أسبوعاً واحداً في الإجازة.
قد تقول: أنا موظف! فحتى ولو كنت موظفاً، خذ إجازةً في هذه الإجازة؛ لأنك أصلاً ستأخذ الإجازة حتى تذهب بأولادك -على أحسن الأحوال- تذهب بهم إلى زيارة أقارب، وربما يكون بعض الفضلاء يذهب بهم إلى البيت العتيق في عمرة، أو يذهب بهم إلى بعض البلاد في السياحة.
فلماذا لا تأخذ إجازة أخرى تجعل هدفها الدعوة، أو المشاركة للدعاة؟ بل وأوسع من ذلك، نحتاج إلى من ينتدبون أنفسهم ليكونوا سفراء ورسلاً يذهبون إلى أنحاء العالم الإسلامي للدعوة إلى الله بلاد بأكملها قد يكون سكانها مائة مليون، قرأت أن سكان بنجلاديش مائة مليون؛ فعجبت لذلك! لأني أول مرة أقرأ هذا الخبر.
وسكان إندونيسيا أكثر من مائة وخمسين مليون.
وقل مثل ذلك في بلاد كبيرة، كباكستان أو نيجيريا أو غيرها من الدول الآسيوية أو الأفريقية، التي يكون -أحياناً- سكانها مسلمون (100%) حسب الرقم الجغرافي؛ ومع ذلك كم مرة زرناهم؟! وكم مرة واصلناهم بالدعوة؟! وكم مرة أوصلنا إليهم العلم والهداية؟ أو طبعنا كتباً بلغاتهم أو أشرطة بلغاتهم؟ أو ذهبنا إليهم ووقفنا في صفهم وعالجنا مرضاهم، ودعونا وشاركنا في أعمال إغاثة إنسانية؟! إن هذا جزء من الواجب الذي ينبغي أن يقوم به كل فرد منا بحسبه.
1- كثرة الزواجات في الإجازة: جانب آخر يتعلق بالإجازة: موضوع الزواجات.
وهي تكثر في الإجازة ولا شك، ويحتاج الكلام عن الزواجات إلى حديث طويل، وأحيل إلى شريط: تنبيه الناس على ما يقع في بعض الأعراس، لكني أشير إلى ملاحظات مهمة: أولها: هناك ظاهرة جميلة بدأت تبرز اليوم، وهي أن عدداً غير قليل من حفلات العرس يقام في بيوت أهل العروسين، أو يقام في استراحات خاصة بهم أو مستعارة من بعض أقاربهم أو معارفهم، أو تقام في ساحة عامة في الحي تستخدم في مثل هذه المصالح العامة للناس، وهذا أمر جيد جداً؛ لأنه يغني عن القصور وما فيها -أحياناً- من الترف والبذخ، وما يصاحب حفلات الزواج في القصور من المفاسد التي لا تخفى في بعض الأحيان -ليس في كل الأحيان- كما إنه يتيح للحضور ولأهل العروسين أن يستثمروا حفلهم في النافع المفيد، من الكلمات الوعظية والتوجيهات والإرشادات، والقيام بالأعمال التي يتطلع الناس إليها، وقد اعتادوها وألفوها.
الملاحظة الثانية: أن بعض الأعراس ترسل فيها دعوة العرس أو البطاقة، عبارة عن شريط من الأشرطة الخيرة، يحمل هداية أو دعوة أو إرشاداً أو توجيهاً، وهذا أيضاً تقليد حسن جميل، فربما لو حسبت تكاليف الشريط لم تجد كبير فرق عن بطاقة الدعوة، وحتى لو زاد أو طبعت عليه الدعوة، إلا أن في هذا الشريط هديةٌ وخيرٌ وبرٌ وحفظٌ له، وكثير من البطاقات لا يستجاب لها أو تهان، وقد يكون فيها ذكر الله عز وجل، فينبغي أن يشاع هذا وينشر بين الناس.
2- الدروس العلمية أثناء الإجازة: النقطة الثالثة المتعلقة بالإجازة هي: الدروس العلمية.
وأحب أن أقول: إن مما يسر ويفرح ويبهج النفس؛ أن تقام دروس ودورات مكثفة في أنحاء البلاد، في هذه الإجازة؛ لاغتنام أوقات الشباب في النافع المفيد، وقد أخذت هذه المنطقة -بحمد الله تعالى- بحظ وافر، فأزجي الشكر للقائمين على مكاتب الدعوة الذين أقاموا تلك الدورات وأعلنوا عنها؛ أنها دورات مكثفة، وأعرف منها في هذا البلد دورتين: إحداهما تقام في هذا المسجد يومياً، دروس بعد الفجر وقبل الظهر وبعد الظهر وبعد العصر وبعد المغرب، وهي دروس في الحديث وفي الفقه وفي المصطلح وفي التفسير وفي العقيدة، تبدأ من أول الكتب وفي نية الإخوة المشايخ أن ينهوا تلك الكتب؛ ليستفيد الطلاب المبتدءون خلال هذه الإجازة، وأن يختموا مجموعة من المتون المفيدة.
أما الدورة الثانية، فهي في جامع الجاسر، وهي -أيضاً- بعد الفجر وقبل الظهر وبعده وبعد العصر وبعد المغرب، ويشارك فيها كوكبة من طلبة العلم، وهي لطلاب هذه البلاد وللوافدين عليها من البلاد الأخرى.
فأدعو الإخوة إلى أن يحرصوا على حضورها والمشاركة فيها، ويدعو الآخرين إليها.