Q يقول: لقد ذكرت في كتابك وقفات للصائم -صفحة (40) في الوقفة العاشرة- أن رفع الأصوات عند قراءة القرآن ليس من سمت المؤمنين بل هو منكر، فما هو حد رفع الصوت؟ والذي دعانا لذلك أننا فهمنا أننا لا نرفع أصواتنا مطلقاً، فإن كان كذلك، فاعلم أن في هذا مشقة على من تعود رفع الصوت، وكذلك بعدم رفع الصوت سوف يكون بعض الناس كسولاً؟
صلى الله عليه وسلم لم أقل هذا الكلام الذي نقلته عني في الكتاب، وإنما خلاصة الكلام الذي ذكرته أنه إن كانت الأصوات متداخلة بحيث لا يشوش بعضها على بعض، ومستوى رفع الصوت واحد تقريباً، وكل إنسان يقرأ وهو مرتاح لا يشوش عليه من حوله، فهذا لا بأس به، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: {إني لأعرف منازل الأشعريين إذا نزلوا بالليل، وإن لم أكن رأيت منازلهم في النهار من أصواتهم بالقرآن} .
وإنما الذي نهيت عنه هو أن بعض الناس يرفع صوته بالقرآن رفعاً بليغاً بحيث يكون مخالفاً للأصوات الأخرى المختلطة، فيشوش بذلك على من حوله، أو يكون منفرداً، فيرفع صوته رفعاً بليغاً أيضاً، فيشوش على الآخرين الذين يقرءون خفية، أو يقرءون بصوت غير مرتفع، والنبي صلى الله عليه وسلم قال كما في الحديث الذي رواه أصحاب السنن وسنده صحيح: {كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض} أي: لا يشوش بعضكم على بعض.