Q أيهما أفضل الانعزال لطلب العلم ثم الدعوة، أو الدعوة على علم بسيط؟
صلى الله عليه وسلم الإنسان ينبغي أن يجمع بين الأمرين فيدعو ويتعلم، ولننظر كيف كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ينفذون هذا الأمر، والذي أعلمه من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه؛ أن الواحد منهم كان يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيجلس في المجلس ويسمع إلى أحاديث ومواعظ وتوجيهات وآيات، ثم ينطلق إلى قومه فيدعوهم إلى الله تعالى، وقد تسلم القبيلة بأكملها على يده، وقد يجلس أياماً أو ليالي ثم ينطلق داعية، فليس من شرط الداعية أن يكون عالماً ملماً بجميع العلوم، لكن ينبغي أن يكون عنده علم شرعي يؤهله للدعوة، فلا يدعو إلى ما لا يعلم، كما أن على الداعية وهو يدعو، أن يتزود من العلم يوماً بعد يوم، أما كون بعض الدعاة ينطلق في الدعوة، وكل وقته في الدعوة، ليس عنده وقت للعلم، فحين تقول له: يا أخي، أنت مضيع لنفسك، الناس تعلمت وعرفت، وأصبحت تعرف الحلال والحرام، والحديث الصحيح من الحديث الضعيف وتقرأ، وأنت تعلم ذلك، يقول: أنا مشغول بالدعوة إلى الله تعالى! إذاً: أنت تدعو إلى ماذا؟ ربما تدعو إلى أمر قد لا تعرفه، قد تدعو إلى بدعة وأنت تظنها سنة، إلى خطأ وأنت تظنه صواباً، قد تخطِّئ عملاً وهو صواب، فلا ينبغي للداعية أن يدعو إلى شيء إلا وهو يعلمه، فيدعو إلى الله على بصيرة، كما أنه لا يجدر بالداعية أن يضيع وقته كله في الدعوة على حساب طلب العلم الشرعي، بل يعتدل في ذلك، ولذلك ذكرت قبل قليل أن من شروط الداعية: العدل في المنهج والسلوك، فيعتدل الداعية، يأخذ العلم بقدر ويدعو إلى الله بقدر.