قد يقول قائل: أنت الآن عرضت علينا طريقتين، وكل طريقة قلت لها إيجابيات وسلبيات، فما الجدوى؟ وما هو الحل؟ أما الجدوى، فإنني أقول: إن كل طريقة من الطريقتين، لو سلكها إنسان عارفاً بإيجابيتها وسلبياتها ولديه تأهيل، فيمكن أن تكون طريقة صحيحة، بمعنى: أن الطالب الذي عنده قدر من التمكن، لو بدأ بدراسة الأقوال على ضوء مذهب معين بادئ ذي بدء، ثم انتقل بعد ذلك إلى التمحيص، أو أنه بعد أن صار عنده نوع من التمكن -أيضاً- بدأ بدراسة هذه المسائل بالطريقة المقارنة، كلا الأمرين حسن ولا بأس به، لأنه بالدرجة الأولى تعود السلبيات -غالباً- إلى الشخص وإمكانياته، فكل شخص له ما يناسبه، وكون الإنسان يدرك السلبيات والإيجابيات؛ هذا يعينه على أن يتقي السلبيات ويستفيد من الإيجابيات.
أما الحل الذي قد يكون مناسباً ووسطاً: فهو أن يعمل طالب العلم على المزاوجة بين هاتين الطريقتين، بمعنى: أن يحرص الطالب في دراسة المسائل على أن يدرسها -مثلاً- دراسة من الكتب المقارنة، كنيل الأوطار -كما مثلت- أو غيره، على أن يُعنى بكتب الفقه، بحيث يقرأ في كل مسألة ماذا قال الفقهاء فيها، يقرأ في كتاب المغني -مثلاً- أو حاشية ابن قاسم، أو الكافي أو أي كتاب آخر، ويعرف الأقوال ويطلع أيضاً على الكتب الأخرى، لأن هذا يوجد عنده نوعاً من الاعتدال.