الخطر الذي يواجه الشباب العاملين في المجال الصحي

أعتقد أيها الشباب أن أخطر شيء يواجهكم الآن هو المغريات وفتن الشهوات، فأنت الآن تضع قدمك في بداية طريق نهايته معروفة، نهايته المستشفى أو المستوصف، والواحد منا حين يزور المستشفى لحاجة لابد منها -للمرض- يشعر بالضيق حتى يخرج منها مع أن بقاءه فيه لحظات معدودة، أو ساعة أو ساعتين؛ لما يرى فيها من المظاهر التي لا تسر من اختلاط الرجال بالنساء، ووجود الممرضات بأبهى زينة، وبملابس تحدد وتحجم الجسم، والعطور تفوح، والشعور والنحور مكشوفة، والمكياج على الوجه، والضحكات تتعالى في الفضاء، والابتسامات توزع بالمجان يمنة ويسرة، وربما تعتقد الممرضة أن هذا جزء من عملها وما يقتضيه واجبها! وفوق هذا كله قد تكون الممرضة في حالاتٍ كثيرة غير مسلمة أصلاً، بمعنى أنه ليس عندها دين يردعها أو يمنعها، وفوق هذا وذاك هي في بلدٍ غريب، وليس عندها زوج، أضف إلى هذا كله أن غير المسلمات قد أتين من بلاد لا يرون أصلاً في هذه الأمور والعلاقات المحرمة -عندنا- لا يرون فيها هم بأساً، فبلادهم في الغالب بلاد إباحية.

وبالمقابل أنت شاب في سن المراهقة، وهيجان الغريزة، وقوة الشباب، وقد تكون أيضاً غير متزوج وأنت تعيش في مثل هذا الجو، فلو أردنا أن ننظر للقضية بالمقياس العادي، القضية هذه مثلما لو قلت: (بترول) ووُضِعت بجواره نار فإن النتيجة معروفة وهي الحريق، فهذا هو الأصل، وقد يقول قائل: أنت ما زدت على أن وصفت لنا الأمر الواقع، فأقول: نعم، أحياناً قدرتك على تصور ما أنت مقبلٌ عليه والواقع الذي تعيشه تعنيك على البحث عن الحل.

طبعاً هناك فئة من الناس قد يكون أصل توجهه إلى هذا العمل رغبة في مثل هذه الأجواء والفئات، وهذا لا شك جر نفسه إلى أمر خطير، ونحن نقول: أعظم ما عليك هو سلامة نفسك، والبحث عن النجاة، فسعيك في نجاة نفسك وفكاكها وخلاصها أعظم من كل شيء، وهب أنك عشت فقيراً، أو هب أنك مت جوعاً أيضاً، ما يضيرك شيء لأنك إن مت وأنت مؤمن فأنت إلى الجنة، وماذا يضير الإنسان أن يكون عاش عشرة أو عشرين سنة في تعب وشقاء إذا كان مآله إلى جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

إذاً: أهم ما عليك هو السعي لنجاة نفسك وخلاصها، لكن قد يأتي الإنسان لهذا العمل لغرضٍ آخر، قد يكون جاء لغرض شرعي، وهذا وارد؛ فمن الممكن أن يقول قائل: أنا أتيت لأن هذا المجال مهم وحيوي وحساس ولابد للمجتمع منه، فأنا أتيت لأسد هذا الفراغ بدلاً من غيري وأحاول أن أصلح بقدر ما أستطيع وآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأحافظ على أعراض المسلمين وعلى نسائهم وعلى أمورهم وأنصح لهم؛ ولا شك أن هذا الكلام معقول ومنطقي، فنحن ماذا ننتظر -مثلاً- من بوذي، أو هندوسي، أو نصراني، أو يهودي إذا كان هو يقوم بترتيبات لإجراء عمليات على مسلم أو مسلمة، أقل شيء أنه يكون متهاوناً وغير مبال، وقد يدخل الرجل أو قد تدخل المرأة في المستشفى -كما تعرفون قصصاً وأخباراً من هذا القبيل- سليماً معافى، وتكون هناك عملية عادية، فنتيجة الإهمال أو نتيجة عمل مقصود أيضاً قد يتسبب في وفاته، فإذا كان غير مسلم فماذا تنتظر من عدو دينك إلا هذا؟! وقد يكون مجيء الإنسان لمثل هذه المجالات أيضاً لا لهذا ولا ذاك، فيقول: أنا لم آت لغرض سيئ والحمد لله، وفي نفس الوقت لم آت لغرض صالح وهو أني أريد خدمة ديني والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمحافظة على أعراض المسلمين، إنما أتيت للمعاهد الصحية أو للمجال الصحي لمجرد أنه مجال وظيفي متاح لي، وقد لا أجد مجالاً آخر مثله، بمثل هذا المستوى الدراسي، وبمثل هذا العطاء، وبمثل هذا الخير، وبمثل هذا المستوى الوظيفي؛ فأقبلت عليه من هذا المنطلق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015