روى أبو الحجاج المزي الحافظ الشهير وغيره، بأسانيد عن إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن العلاء بن سفيان، قال: غزا بسر بن أرطأه الروم، فجعلت ساقته لا تزال تصاب، كلما بعث أحداً أصيب، فيكمن لهم الكمين فيصاب، فلما رأى ذلك تخلف في مائة من جيشه، فانفرد يوماً في بعض أودية الروم، فإذا براذين مربوطة، نحو ثلاثين برذوناً، وإذا الكنيسة في جانبهم، فيها فرسان تلك البراذين قد تخفوا، وكانوا يعقبونه في ساقته، فنزل عن فرسه فربطه، ثم دخل الكنيسة، فأغلق الباب على نفسه وعليهم، ثم جعلت الروم تتعجب من هذا الفعل، فما استقلوا إلى رماحهم ووصلوا إليها، حتى كان قد قتل منهم ثلاثة، ففقده أصحابه، فطلبوه وبحثوا عنه، فأتوا فعرفوا فرسه، ثم سمعوا الجلبة في الكنيسة، فإذا بابها مغلق، فقلعوا بعض السقف ونزلوا عليهم، وإذا بسر رضي الله عنه ممسكٌ بطائفة من أمعائه في يده، حيث طعنوه في بطنه، وإذا السيف باليد الأخرى، فلما تمكن أصحابه من الكنيسة سقط مغشياً عليه، فأقبلوا عليهم، فأسروا منهم من أسروا، وقتلوا من قتلوا، فأقبلت عليهم النصارى، فقالت: ننشدكم الله، من هذا الرجل؟ قالوا: هذا بسر بن أرطأة قالوا: والله ما ولدت النساء مثله، فعمدوا إلى أمعائه، فردوها في جوفه، لم ينخرط منها شيء، ثم عصبوه وحملوه وعالجوه حتى عوفي.