حقيقة التعارض بين القرآن والسنة

Q ذكرتم أن قول الغزالي: إذا وجد حديث يُعارض القرآن إلخ، قلتم: أن هذا خطأ كبير، والمطلوب من فضيلتكم: ماذا لو وُجد حديثٌ فعلاً يعارض القرآن؟ هل نأخذ بقول الغزالي؟ أم ماذا نفعل؟

صلى الله عليه وسلم السؤال أصلاً: هل يمكن أن يوجد حديث يعارض القرآن؟ بمعنى: هل الرسول صلى الله عليه وسلم يمكن أنه يخالف القرآن؟ لا يمكن، ولذلك من المصائب افتعال الخصومة بين القرآن والسنة، وهذه هي كارثة في العصر الحاضر، ثم هذا الحديث، مِن أي وجه عرفنا أنه يخالف القرآن، إذا قلنا أنه فعلاً يخالف القرآن فنحن نجزم بأنه لم يقله الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنه ليس بحديث، وبالتالي: لا كلامَ في هذا، ولا أحد يخالف فيه، لكنه يخالف في فهمه للقرآن، فأنت فهمت القرآن على وجه معين، وفهمت الحديث على وجه معين، ثم افترضت خصومة بينهما، وبالتالي رفضت الحديث -مثلاً- فأنت تنازع: أولاً: في فهمك للقرآن، قد يكون فهمك للآية غلط.

ثانياً: في فهمك للحديث، لأنه قد يكون فهمك للحديث غلط.

ثالثاً: في إيجاد التعارض بينهما.

وخذ مثالاً: حديث أن والد النبي صلى الله عليه وسلم.

في النار، فهذا الحديث في صحيح مسلم، وأنا لا يهمني أن أذكر هذا الحديث في مناسبة أو لا أذكره كمثال لكن الآن أذكره، فقد ردَّه بعضهم بأنه مخالف للقرآن، كيف هو مخالفٌ للقرآن؟ قال: لأن الله تعالى يقول: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء:15] إذاً هذا الحديث يعارض القرآن، فنقول له: هل تعرف أن فيه معارضة؟ لو كان في القرآن نص -ويجب علينا أن نلاحظ حتى لا ننساق أحياناً وراء بعض الشبهات- لو كان في القرآن نص يقول: والد الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة، ثم جاء الحديث يقول: والد الرسول في النار، فهذا صحيح أنه يكون معارضاً للقرآن، أمَّا أن نأتي بآية عامة ونعارض بها نصاً خاصاً، فهذا في الواقع ليس معارضة؛ لأن هذا النوع معروف عند، الأصوليين فهناك نص عام وخاص: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء:15] لكن هذا نص خاص، وهو النصَّ على أن والد الرسول صلى الله عليه وسلم، بل نصَّ الرسول صلى الله عليه وسلم على جماعة من أهل الجاهلية أنهم في النار.

ثم قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء:15] من قال لنا: أن والد الرسول عليه السلام لم تبلغه الدعوة؟ أما كان النصارى موجودين؟ أما كان الحنفاء موجودين في مكة نفسها؟ كـ أمية بن أبي الصلت، وكثير من الشعراء الحنفاء، وزيد بن عمر بن نفيل، وغيرهم؟ كانوا موجودين في مكة، ويتحنفون ويدعون الناس، ويتهمون قريشاً بالجاهلية، وكان زيد بن عمر بن نفيل يقف أمام الكعبة، ويقول بأعلى صوته: [[والله يا معشر قريش ما منكم أحد على دين إبراهيم غيري]] ويقولها بأعلى صوته، وكان يحي الموؤدة، وكان لا يأكل ما ذُبح على النُّصُب، فمن قال: بأنه لم تكن هناك شريعة ولا دين؟ وأنه لم يكن عالماً بذلك؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015