حقيقة المجدد وشروطه

من هو المجدد؟ وما هي شروطه؟ وهذه قضية مهمة جداً، يقول السيوطي في ألفيته المشهورة: وكونه فرداً هو المشهور قد نطق الحديث والجمهور فهو يرجح أن المجدد فرد واحد، ويزعم أن هذا مذهب الجمهور، وأعتقد أن نسبة الأمر إلى الجمهور فيه نظر، فإن أكثر أهل العلم الذين اطلعتُ على أقوالهم: كالحافظ ابن حجر وابن الأثير والذهبي والمناوي وغيرهم، يذكرون أن الأولى هو أن التجديد ليس مهمة فرد بل مهمة طائفة من الأمة، ومما يرجح ذلك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر في حديث رواه واحدٌ وعشرون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة} فهذه الطائفة المنصورة هي المجددة، وهي التي تقوم بمهمة التجديد، وذَكَرَ المنصورة، بأنهم قائمون بأمر الله، وهذا هو التجديد.

إذاً التجديد مهمة طائفة وليست مهمة فرد، خاصة في هذا العصر؛ لأننا نعرف أن الأمة كثرت وتوزعت من جهة، ومن جهة أخرى: أن المفاسد والانحرافات عمَّت وطمَّت، ومن جهة ثالثة: فإن المجددين نوعيتهم قلَّت، فمن لنا بمثل: الشافعي، أو عمر بن عبد العزيز، أو أحمد بن حنبل، أو ابن تيمية -والله المستعان- فلذلك القول الصحيح -خاصة في العصور المتأخرة-: أن التجديد مهمة طائفة منوعة، وليست مهمة فرد واحد، لكن لا يمنع أن هذه الطائفة لها رموز وقيادات وزعامات بارزة، وهذه الزعامات البارزة توجَد في كل عصر -لا شك- لكن يشترط لها شروط، وهذه الشروط هي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015