أما ما يختص بهذا الدرس فإنه يتعلق بالكنى، والكنى لها شأن عجيب، وهي من الموضوعات الممتعة والطريفة، وفيها أشياء مفيدة.
فالكنية مأخوذة من الكناية، وهي: التعريض بالشيء دون التصريح باسمه، فعادة الناس أنهم قد يعرضون بالشيء، ولا يصرحون بذكر اسمه، فهذا يسمى كناية أو كنية، فالكنية مشتقة من الكناية.
والكنية معروفة عند العرب، حتى كان العرب يكنون الصبي من يوم أن يولد، فيسمونه ويكنونه في نفس الوقت، بخلاف العجم والفرس، فإنهم كانوا لا يستخدمون الكنية بل يستخدمون اللقب، كما سيأتي في موضوع الألقاب.
وكانت العرب تتيمن بتكنية الولد تفاؤلاً بأنه سيطول عمره حتى يتزوج وينجب ويسمي، وهذا فأل حسن، وورد الشرع به، فهو محمود، كما أنهم كانوا يقولون: كنوا أولادكم -أو بادروا أولادكم بالكنى- حتى لا تغلب عليهم الألقاب، لأنهم يرون أن الإنسان إن لم يكنى، فإنه قد يلقب، وهذا موجود الآن في كثير من مجتمعاتنا، لا تكاد تجد صغيراً ولا كبيراً إلا له لقب، واللقب: هو شئ يعتبر به، ويكون غالباً من الألقاب المذمومة غير المحمودة، فالكنية هي البديل الشرعي لهذه الألقاب المكروهة التي يتداولها الناس، خاصة في البيئات والمجتمعات الريفية -في القرى والأرياف والمدن الصغيرة- حيث يكثر التلقيب بالأسماء المكروهة، والكنية هي البديل الشرعي، كأبي فلان أو ما أشبه ذلك.