تصحيح الخطأ وإعلان الصواب

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه الذي قضوا بالحق، وبه كانوا يعدلون.

أما بعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في هذه الليلة -وهي ليلة الأحد السابع من شهر رمضان، من هذا العام عام (1413هـ) - تكتمل اللقاءات المتفق على عقدها في هذا المجلس، وسوف ننتقل بعد غدٍ -إن شاء الله تعالى- إلى مسجد الشيخ عبد الله الجاسر لإكمال هذه الدروس في ليلة الثلاثاء، وقد كنت تحدثت في أول ليلة، كلمة قصيرة بعنوان: (كتب عليكم الصيام) وفي الليلة الثانية كانت رسالة إلى أحد الإخوة، وعنوان هذه الكلمة: (رسالة خاصة) أما اليوم الثالث، والرابع فكانت عن (جهاد المرأة) وفي الأمس جاءكم فضيلة الدكتور/ عبد الله بن حمود التويجري وفقه الله تعالى وجزاه الله تعالى خيراً.

أما اليوم، فلي حديثٌ إليكم وإلى الأخوات الكريمات بعنوان: (خطأ مشهور) وفي بعض الأمثال يقول الناس: خطأ مشهور خير من صواب مغمور، يعني: خفيٌ مستور، والواقع أن هذا الكلام ليس بصحيح، بل إن الخطأ يجب تصحيحه، ولو كان مشهوراً، وكلما زادت شهرة الخطأ تعين إصلاحه وبيانه والتنبيه عليه، وهكذا بالنسبة للصواب والحق، فكلما كان خفياً كان إعلانه أوجب وألزم، ولهذا مدح النبي صلى الله عليه وسلم الغرباء، وقال في الحديث الذي رواه ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما وهو في صحيح مسلم وغيره: {فطوبى للغرباء} ووصف الغرباء -كما في بعض الآثار- بأنهم: {يصلحون إذا فسد الناس -أو يُصلحون ما أفسد الناس-} لأنهم ينشرون السنة إذا خفيت، ويحاربون البدعة إذا ظهرت، ويأمرون بالمعروف إذا ترك، وينهون عن المنكر إذا شهر وفُعل، وإذا كان هذا الكلام -خطأ مشهور خيرٌ من صواب مغمور- في الأمور اللغوية مثلاً، أو ما أشبه ذلك فالأمر أهون وأيسر، أما في المجالات الشرعية فإن الأمر يختلف، ومن هنا أحببت التنبيه للإخوة والأخوات على بعض الأحكام التي هي على ظهورها وشهرتها ومعرفتها إلا أنه يكثر اللبس فيها، والخطأ والسؤال عنها، مع أنها تكرر مرة بعد أخرى ويتكلم عنها المفتون والمرشدون، والمعلمون، والوعاظ والمتحدثون في المساجد، إلا أن الإنسان يكتشف أن المجتمع بحاجة إلى مزيدٍ من التوعية والإرشاد، ويا ليت وسائل الإعلام التي دخلت كل بيت جُندت لهذا الهدف؛ لتعليم الناس أمور دينهم وتوعيتهم بأحكام ربهم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

إذاً: لفعلت خيراً كثيراً، ولكفَّت عن الناس شراً كثيراً، ولكفتهم مئونة عظيمة، ولكن إلى الله المشتكى، فإن وسائل الإعلام ليست إيجابية بل هي على النقيض من ذلك، فهي تعمل على هدم ما يبنيه المسجد وما يؤسسه الداعية وما يصنعه الكتاب أو الشريط وكما قيل: متى يبلغ البنيان يوماً تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015