الهاتف ومشاكله

وخامس يقول: إنني أعاني من الهاتف ما أعاني، فقد أصبح الهاتف هماً يقلقني، فالزوجة دائماً وأبداً جالسة بقرب الهاتف، تتصل بالقريب والبعيد، وتحدث الناس أهلها وأقاربها وغيرهم، وتجلس مع صديقاتها، وليست المشكلة محصورة في فاتورة الهاتف، فإن معظم هذه الاتصالات هي اتصالات داخلية ليس عليها حسابٌ أصلاً، ولا تظهر في الفاتورة، ولكن المشكلة أن هذه الأحاديث يأتي من جرائها شرٌ كثير، فمنها غيبة، وكلام في فلانة وفلانة، ومنها نميمة، ومنها -وهو من أشدها وشرها على الزوج- تلك الأحاديث التي تدور بين النساء فتجعل المرأة تسمع من زميلاتها أن زوجها أعطاها كذا، وفعل لها كذا، وسافر بها إلى المكان الفلاني، وخرج بها من البيت، فتظل المرأة تسمع من زميلاتها ما فعل الأزواج، ثم تنتظر من زوجها أن يكون كأولئك الأزواج، مع أنه ربما يكون كثيرٌ مما تسمعه المرأة مبالغة وتشبعٌ بما لم تعط، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: {المتشبع لم يُعط كلابس ثوبي زور} .

وما يدري المرأة أن تكون أولئك النساء قد كذبن عليها، وبالغن من باب التظاهر والمجاملة وادعاء أنهن سعيدات في حياتهن الزوجية، كما فعلت هي حينما حازت هذه النبرة، وقالت لهن هي الأخرى: وأنا زوجي ما قصر معي، جزاه الله خيراً! أعطاني كذا، وأتاني بكذا، ومنحني كذا، وذهب بي إلى كذا، ووعدني بكذا، وهذا كله كذب تقوله لهن، فإذا جاء الزوج انفجرت في وجهه، وقالت له: بنات الناس حصل لهن كيت وكيت، وأنت ما رأيت منك خيراً قط.

فيقول هذا الأخ: لقد أزعجني هذا الهاتف، وضايقني وسبب لي حرجاً شديداً.

ثم يقول: أحياناً أدخل البيت، وزوجتي تمسك بالسماعة، وجلستها تدل على أنها سوف تطيل المكالمة، فإذا رأتني اختزلت الكلام وغمغمت وأتت بعبارات مجملة، ثم وضعت سماعة الهاتف، وهذا جعلني أشك في الأمر ربما تكون مكالماتٍ أو اتصالات تعلم الزوجة أنها لا ترضيني أو أنها أشياء مذمومة؛ ولذلك وجدت أنها شعرت بالإحراج حينما اكتشفتها وهي تتكلم في الهاتف.

وهذا يؤكد على المرأة أن تقتصد في مكالماتها وتبتعد عما حرم الله عز وجل، وإذا دخل زوجها وهي في مكالمة، فعليها أن تكون طبيعية لئلا يظن الزوج أن تلك المكالمة قد تكون معاكسة مثلاً، أو اتصالاً برجلٍ آخر أو خيانة له، وما سبب هذا الظن والوسواس من الشيطان إلا أنها أنهت المكالمة بطريقة غير طبيعية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015