أولاً: هؤلاء الأئمة المتبوعون -وخاصة الأئمة الأربعة- كلهم حريصون على معرفة الحق واتباعه، وكلهم يأخذون بالقرآن والسنة، فإذا صح لديهم الحديث فهو مذهب الواحد منهم لا يقبل عنه بديلاً، وما أكرمهم الله عز وجل بما أكرمهم به من قبول المسلمين لهم عامة وخاصة، إلا لما وصلوا إليه من صدق الاتباع وتجنب الابتداع، فالذين يدعون إلى التعصب لإمام من الأئمة يجنون على الإمام نفسه، فقد تجد -مثلاً- من يقول لك: يجب اتباع الإمام أبي حنيفة فقط، لماذا؟ فيقول: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: سراج أمتي أبو حنيفة، وهذا الحديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد يأتيك آخر فيقول لك: يجب اتباع الإمام مالك، تقول له: لماذا؟ فيقول لك: لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي وأحمد وغيرهما: {يوشك الناس أن يضربوا أكباد الإبل فلا يجدون عالماً أعلم من عالم المدينة} وينزل هذا الحديث على الإمام مالك، ويبني عليه نتيجة غير صحيحة، وهي أنه يجب اتباعه، وقد يأتي ثالث فيقول لك: يجب اتباع الإمام الشافعي، تقول له: لماذا؟ يقول لك: لأن الإمام الشافعي قرشي والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث المتفق عليه: {الأئمة من قريش} ورابع يقول لك نتبع الإمام أحمد، وخامس وهكذا، فنقول هؤلاء الأئمة كلهم يقتبسون من مشكاة الكتاب والسنة، وأقوالهم على العين والرأس، لأننا نعتقد عقيدة في قلوبنا أنه لا أحد منهم يتعمد مخالفة ما صح لديه من مفهومات الكتاب والسنة.