الشعوب المنكوبة

ثالثاً: الشعوب المنكوبة في العراق شعب يحاصر منذ أكثر من ثلاث سنوات لا يصل إليه من الطعام والشراب واللباس والكساء إلا أقل القليل، وأحلف بالله الذي لا يحلف إلا به لو كان شعب العراق نصرانياً، لتنادت أمم النصارى كلها لفك الحصار عنه، ولكن لأنه شعب في غالبيته أبيٌ مسلمٌ، فإن أمم الغرب كلها تتحالف على الحصار عليه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيح: {دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض} .

فكيف بإنسان؟! فكيف بمسلم؟! فكيف بشعب مسلم بأكمله يُحاصر حتى من قبل دول عربية إسلامية؟! إن هذه الصحيفة التي أدارتها الأمم المتحدة لحصار المسلمين في العراق هي صحيفة آثمة ظالمة، وواجب على المسلمين أن ينكروها ويرفضوها، وأن يتنادوا لنصرة إخوانهم ودعمهم بالمال والطعام والشراب والغذاء والكساء والدواء، وبالدعوة إلى الله تعالى، فإن إيصال الكتب ممكن، وإيصال الأشرطة وارد.

بل إنني أقول لكم من معلومات مؤكدة -أيها الإخوة- إن عدداً من شباب الشيعة تحولوا إلى طريقة أهل السنة والجماعة وعلى الطريقة السلفية السليمة في مناطق الأهوار وفي غيرها، داخل العراق، بل وداخل إيران بواسطة جهود المخلصين والدعاة والكتب والأشرطة.

فعلينا أن نكون عوناً للمسلمين وللدعوة في كل مكان.

وفي مصر شعب بأكمله يُجّوَّع وذلك من أجل أن ينشغل بالبحث عن لقمة العيش، ويضيق عليه، ويُودع شبابه في غياهب السجون، فالمساجين يعدون بالآلاف، والقتلى يعدون بالمئات، ومع ذلك حصلت نكبات وزلازل وأزمات، فتجد أن هناك تبرعات كثيرة لا يصل الناس منها إلا أقل القليل، بل إن الجماعات الإسلامية التي كانت تدعم المسلمين في مصر قد حوربت، والذي ثبت عليه أنه يدعم ويوصل بعض الأموال قد سجن، وقد سجن أكثر من أربعين طبيباً، لأنهم ساعدوا المسلمين هناك.

ولذلك أقول للإخوة: ادعموا إخوانكم المسلمين في كل مكان، ادعموا إخوانكم المسلمين في مصر، لكن حذار أن يكون الدعم عن الطرق الرسمية التي تصل إلى الحكومات، فإن الحكومات قد تتقوى بها على ضرب الإسلام، وعلى حصار المسلمين، وعلى قتل الأبرياء، وعلى إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، ولولا الحياء لذكرت لكم نماذج أحلف بالله لا تصدقون أنها تقع، لولا أنني قرأتها في صحف موثوقة مصرية مضبوطة عندي تدل على أن هناك خططاً مبيتةً لإشاعة الجريمة في الذين آمنوا، وقطع دابر العفاف في أوساط تلك الشعوب المؤمنة الأبية في مصر وفي غيرها.

فعلينا أن ندعم المسلمين، ولكن بواسطة الطرق الخاصة التي تصل إليهم، ولهذا أقول للموظفين: إذا جاءك طلب المساعدة، فإياك إياك أن تبذل شيئاً تعين به على قتل مسلم، أو على التضييق عليه، أو على الترويج للسياحة، أو على إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، وإذا كنت تريد الدعم، فأنت تعرف سبله وطرقه وأبوابه التي تطمئن إلى أنها تصل إلى المحتاجين.

وفي أفغانستان دولةٌ بأكملها عانت أربع عشرة سنة من ويلات الحرب، وهي الآن تعاني أيضاً من بقايا آثار الخلاف بين أصناف وطبقات المجاهدين، فهي محتاجةٌ إلى دعم الإخوة المؤمنين سواء عن طريق التعليم، أو عن طريق نشر الكتب، أو نشر الدعوة، أو عن طريق المساعدة، أو عن طريق مساعدة اللاجئين والمهاجرين، أو غير ذلك من الوسائل.

وفي الجزائر أيضاً شعبٌ يموت جوعاً، خمسة عشر شخصاً يعيشون في غرفة واحدة، لا يجدون مأوى إلا غرفة واحدة حتى إنهم الآن بدءوا يسلكون أسلوب النوم بالتناوب إذ لا تتسع لهم، فينام خمسة الآن على حين يذهب الباقون يبحثون عن أي عمل آخر، ثم تأتي نوبة الآخرين ليقوم هؤلاء وينام الآخرون بدلاً عنهم.

وفي طاجاكستان الأمر كما ذكرت، وفي البوسنة الأمر معروف، ودولة البوسنة والهرسك فيها مدن ومناطق محاصرة منذ ما يزيد على سنة، سراييفو، سربنيتشا، قورازدا، وغيرها مدن محاصرة على مدى أكثر من سنة لا يكاد يصل إليها إلا أقل القليل، فعلينا أن نهب لنصرتهم.

وفي فلسطين شعب يجوع ويضيق عليه، ويمنع حتى من الأعمال التي يمارسها -وهي أعمال متواضعة- بين اليهود في داخل ما يسمى بدولة إسرائيل، فيحال بينه وبين العمل، ويبن رغيف الخبز، وبين العيشة التي يقوم بها أوده، فضلاً عن الذين أبعدوا من ديارهم بغير حقٍ إلا أن يقولوا: ربنا الله، فهم بأمس الحاجة إلى دعمكم وعونكم وتأييدكم، فأين أنتم من هذه الشعوب المنكوبة؟ إنني أعجب من أخ يقارن مصيبة فرد مهما عظمت وجلت بمصيبة شعب بأكمله يعاني مثل هذه الآلام.

أيها الإخوة: إنني أُحذركم مرة أخرى من الطرق الرسمية التي تتولاها حكومات تلك الدول، فإنه لا ينفعنا أن نكتشف بعد عشرة سنوات، أو عشرين سنة أن هؤلاء كانوا خونة، وأنهم يحاكمون كما وقع في الجزائر حيث حُوُكِمَ بعض رءوس الفساد، واتهموا وثبت أنهم كانوا يسرقون الأموال، فماذا ينفعنا أن نكتشف ذلك بعدما ضاعت أموالنا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015