أولاً: المتسولون الذين يطرقون الأبواب، ويمرون في الشوارع، ويقفون أمام المصلين يكثر فيهم الكذب، وقد كشفنا وكشف غيرنا الكثير من ذلك، سواء كانوا يطلبون العطاء لأنفسهم، أو لأولادهم، أو لديات، أو كانوا ربما أحياناً قد يطلب الواحد منهم لمشروع، وبعد التحقق يبدو أن هناك خطأً، أو مبالغةً في الأمر، وقد يكون الموضوع مزوراً في بعض الأحيان، حتى بعض الأوراق والوثائق قد تكون مزورة أو قديمة، أو قد يكون كتب لهم رجل أحسن بهم الظن، وحملهم على ظاهرهم.
إنه ينبغي لنا ألاَّ نعطي إلا بعد التثبت من حال الإنسان، ولو كان في بلد ناءٍ، خاصةً إذا كان يجمع لمشروع خيري -مدرسة، أو مركز، أو مسجد، أو ما شابه ذلك- حتى لو كان هذا المشروع في الصين، أو في الهند، أو في أفريقيا.
إن من السهل أن تُجمع عشرة مشاريع، ثم يسافر شاب إلى الهند، أو إلى الصين، أو إلى أفريقيا بتذكرة لا تكلف أكثر من ستة آلاف ريال، ويتأكد من هذه المشاريع بنفسه، ثم يرجع بخبر جهينة الخبر اليقين.
وقد يجمع في المساجد، أو في غير المساجد مبالغ طائلة قد قبض على بعض هؤلاء، ووجد معه مائة ألف ريال جمعها خلال أقل من أسبوع، وتبين أن مدعاه ليس بصحيح، ثم إن هذا لا يعني إهمال المشاريع الإسلامية بحجة عدم التثبت، فإن كلا طرفي قصد الأمور ذميم، فبعض الناس لا يُعطي بحجة الشك، وبعض الناس يُعطي بلا تثبت! لا، ولكن حينما تريد العطاء، فأعطه من تثق بهم أنهم يتثبتون ويطمئنون ويكونون وسطاء مأمونين يستطيعون أن يوصلوا هذه الأموال إلى مستحقيها.
ثانياً: أصحاب العاهات، وبعض النساء، وبعض العاطلين مهمتهم الطواف والسؤال، ولا مانع أن تعطي هذا الإنسان مبلغاً يسيراً مجاملةً من مالك الخاص، أما أن تعطيه من حق الفقراء، ومن مال الله عز وجل، فلا وألف لا، لا تعطه من الزكاة، وأنت يغلب على ظنك أنه غير محتاج، وأنه يجمع أموالاً طائلة، وربما ملك ما لا تملكه أنت نفسك.
ثالثاً: العوائد المألوفة، أنت معتاد أن تعطي بعض الجيران، وبعض الأقارب، وبعض المعارف كل سنة من الزكاة، وهم قد تغيَّرت أحوالهم، وسددت ديونهم، واستغنوا بغنى الله عز وجل، وتحسنت أوضاعهم، وتوظف أولادهم، فلا داعي لاستمرار هذا العطاء، بل يجب أن تقطعه إذا علمت أنهم استغنوا عنه، ولا يجوز لك أن تعطيهم مجاملة، وأنت تعلم أنهم غير محتاجين.