خطر المحن على مستقبل الصحوة

Q على الأحداث الراهنة، وهو يقول: ما رأي فضيلتكم في تأثير الأحداث الراهنة على الصحوة الإسلامية ومستقبل الدعوة؟

صلى الله عليه وسلم أما على المستوى القريب، فالذي يبدو أن الأحداث سوف تكون ضارة بالصحوة الإسلامية، من وجوه:- أولها: أننا نعلم أن المناطق التي أصيبت - منطقة الخليج بشكل عام- هي من المناطق التي عرفت بأنها ذات جهد كبير في دعم المشاريع الإسلامية العالمية، في مشارق الأرض ومغاربها، وحيثما تجولت في بلاد الدنيا، فرأيت مدرسة أو مشروعاً أو مؤسسة أو معهداً أو مسجداً، لوجدت أن بصمات وأصابع الخيرين من أهل الخليج موجودةٌ فيه، وهذا لاشك سيتأثر بالأحداث تأثيراً سلبياً كبيراً.

من جهة أخرى: فإننا نجد أن هذه الأحداث اكتسحت في غمرتها مجموعة غير قليلة من الإسلاميين الذين انخدعوا بالعبارات البراقة الرنانة، وفي غمرة العاطفة المشبوبة، نسوا أحداث الماضي القريب، فبالأمس جاءت ثورة إيران، فوجدنا أن جماعة غير قليلة من دعاة الإسلام -دعك من رجل الشارع- قد انساقوا بغفلةٍ وراء هذه الدعوة الباطنية المشبوهة، وصدقوا شعاراتها الكاذبة وحلفوا لها يمين الولاء، ونفخوا في بوقها، وكتبوا لها الكتب، ودعموها حتى تكشفت الأحداث، فرجعوا عما كانوا يعتقدون بخيبة أمل، واليوم يتكرر الخطأ، فالذين وقفوا بالأمس ضد العراق في حربه مع إيران، هاهم اليوم نجد منهم طوائف في عدد من البلاد الإسلامية، يقفون إلى جانب العراق، ويقومون ببعض المظاهرات الصاخبة إلى جانبه، وينسون بذلك جرائم العراق الكبيرة ضد أهل السنة في العراق، وضد الأكراد وهم أيضاً من أهل السنة في حادثة حلابجة، التي قتل فيها ما يقارب -حسب ما ذكرت بعض المصادر الإعلامية- عشرين ألفاً بأسلحة كيماوية، ودمرت تدميراً وقضي على الدعوة الإسلامية، بل ونسوا حتى مواقفهم السابقة، ضد هذا الطاغية المتجبر، فانطلقوا وراءه، وقد يقف آخرون في مقابل ومواجهة هذا التيار، فقد تتواجه سيوف المسلمين، أو سيوف شباب الصحوة الإسلامية، وقد يقوم الدعاة إلى الله تعالى في أكثر من مكان وسط غيبة الوعي بحرب بالوكالة عن غيرهم، حرب من حروب الوكالة، هم الخاسرون فيها بكل حال، وسواءً انتهت الحرب بالنصر أم بالهزيمة، فإنهم في الحالين ليس لهم من الأمر شيء، إنما يستعان بهم في مثل هذه الأحداث إذا اهتزت الأمور، واضطربت واحتيج إليهم، صرخ بأنصاره يناديهم إلى جهاد مقدس، أو إلى قتالٍ أو ما أشبه ذلك، فاستفز عواطفهم واستثارهم فاستخفهم فأطاعوه.

فعلى المدى القريب لاشك أن هناك ضرراً يلحق بالصحوة، أما على المدى البعيد، فإن المؤمن ينبغي أن يكون متفائلاً على الدوام، ويعجبني الفأل، فنحن نتفاءل ونقول: هزيمة (1967م) كانت شرارة انطلقت بعدها الصحوة بشكل واسع متنامٍ، وامتدت امتداداً أفقياً عريضاً، وشملت قطاعات كبيرة، وأظن أن الصحوة الإسلامية حتى تمتد امتداداً رأسياً، أي امتداد عمقٍ وفهمٍ وعلمٍ ومشاركة وإيجابية وإدراك ووعي وتعقل، تحتاج إلى أحداثٍ مماثلة، تنصهر في بوتقتها، وتصحح مسيرتها، وتهزها بشدة حتى تجعلها تعي واقعها، فالمؤمن يتفاءل بمثل هذه الأحداث، ولو على المدى البعيد، وهذا قد يظهر ولو بعد سنين، قد لا يستطيع الإنسان أن يتنبأ بتحديدها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015