وإنما الشعر لب المرء يعرضه على المجالس إن كيساً وإن حمقا وإن أشعر بيت أنت قائله بيت يقال إذا أنشدته صدقا قالهما شاعر النبي صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت رضي الله عنه نعم إن الشعر شعور صادق معبر عنه بلفظ جميل، إن هذا الصدق وجمال التعبير خصلتان قد ألفناهما عند شاعرنا الإسلامي الكبير أخينا الدكتور عبد الرحمن بن صالح العشماوي، الذي أبى إلا أن يشاركنا ابتهاجنا بهذه المناسبة الطيبة، فنظم قصيده عنوانها (عناقيد الضياء) فليتفضل مشكوراً بإلقائها على أسماعكم، أو بالأحرى في قلوبكم.
قال الدكتور عبد الرحمن العشماوي: بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أحيكم جميعاً بتحية الإسلام الخالدة: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أحبتي قبل أن أبدأ بإلقاء القصيدة أريد أن أضع أمامكم ملاحظة واحدة وهي: أنني أتهيب منذ زمن طويل من كتابة شيء عن الرسول عليه الصلاة والسلام، كلما أردت أن أكتب توقف القلم، لأنني أجد أن الألفاظ التي أملكها تظل عاجزة عن تصوير ما أحمله في قلبي تجاه رسولنا عليه الصلاة والسلام، القصيدة هذه ستسمعون فيها نداء يا سيد الأبرار، وهو نداء استحضار أدبي لا دعاء ولا رجاء، وتعلمون صفاء عقيدتنا في هذا الأمر، اللهم صلِّ وسلم على نبيك محمد صلاةً وسلاماً دائمين ما دام الليل والنهار.
هلّ الهلال فكيف ضل الساري وعلام تبقى حيرة المحتار ضحك الطريق لسالكيه فقل لمن يلوي خطاه عن الطريق حذار وتنفس الصبح الوضيء فلا تسل عن فرحة الأغصان والأشجار غنت بواكير الصباح فحركت شجوى الطيور ولهفة الأزهار غنت فمكة وجهها متألق أملاً ووجه طغاتها متواري هلّ الهلال فلا العيون ترددت فيما تراه ولا العقول تماري والجاهلية قد بنت أسوارها دون الهدى فانظر إلى الأسوار واقرأ عليها سورة الفتح التي نزلت ولا تركن إلى الكفار أوما ترى البطحاء تفتح قلبها فرحاً بمقدم سيد الأبرار عطشى يلمظها الحنين ولم تزل تهفو إلى غيث الهدى المدرار ماذا ترى الصحراء في جنح الدجى هي لا ترى إلا الضياء الساري وترى على طيف المسافر هالة بيضاء تسرق لهفة الأنظار وترى عناقيد الضياء ولوحة خضراء قد عرضت بغير إطار هي لا ترى إلا طلوع البدر في غسق الدجى وسعادة الأنصار ما زلت أسمعها تصوغ سؤالها بعبارة تخلو من التكرار هل يستطيع الليل أن يبقى إذا ألقى الصباح قصيدة الأنوار ماذا يقول حراء في الزمن الذي غلبت عليه شطارة الشطار ماذا يقول للاتهم ومناتهم ماذا يقول لطغمة الكفار ماذا يقول ولم يزل متحفزاً متطلعاً لخبيئة الأقدار طب يا حراء فليلهم كحكاية نسجت ومنك بداية المشوار أوما تراه يجيء نحوك عابداً متبتلاً للواحد القهار؟ أوما ترى في الليل فيض دموعه أوما ترى نجواه بالأسحار؟! أسمعت شيئاً يا حراء عن الفتى أقرأت عنه دفاتر الأخبار؟! طب يا حراء فأنت أول بقعة في الأرض سوف تفيض بالأسرار طب يا حراء فأنت شاطئ مركب مازال يرسم لوحة الإبحار ماجت بحار الكفر حين جرى على أمواجها الرعناء في إصرار وتساءل الكفار حين بدت لهم في ظلمة الأهواء شمعة ساري من ذلك الآتي يمد لليلنا قبساً سيكشف عن خبايا الدار؟ من ذلك الآتي يزلزل ملكنا ويرى عبيد القوم كالأحرار؟ ما باله يتلو كلاماً ساحراً يغري ويلقي خطبة استنفار ما باله يقسو على أصنامنا باللوم بالتسفيه بالإنكار هذا محمد يا قريش كأنكم لم تعرفوه بعفة ووقار هذا الأمين أتجهلون نقاءه وصفاءه ووفاءه للجار هذا الصدوق تطهرت أعماقه فأتى ليرفعكم عن الأقذار طب يا حراء فأنت أول ساحة ستلين فيها قسوة الأحجار سترى توهج لحظة الوحي الذي سيفيض بالتبشير والإنذار اقرأ ألم تسمع أمين الوحي إذ نادى الرسول فقال لست بقاري اقرأ فديتك يا محمد عندما واجهت هذا الأمر باستفسار وفديت صوتك عندما رددتها آياً من القرآن باسم الباري وفديت صوتك خائفاً متهدجاً تدعو خديجة أسرعي بدثار وفديت صوتك ناطقاً بالحق لم يمنعك ما لاقيت من إنكار وفديت زهدك في مباهج عيشهم وخلو قلبك من هوى الدينار يا سيد الأبرار حبك دوحة في خاطري صدَّاحة الأطيار والشوق ما هذا بشوق إنه في قلبي الولهان جذوة نار حاولت إعطاء المشاعر صورة فتهيبت من وصفها أشعاري ماذا يقول الشعر عن بدر الدجى لما يضيء مجالس السمار؟ يا سيد الأبرار أمتك التي حررتها من قبضة الأشرار وغسلت من درن الرذيلة ثوبها وصرفت عنها قسوة الإعصار ورفعت بالقرآن قدر رجالها وسقيتها بالحب والإيثار يا سيد الأبرار أمتنا التَوَت في عصرنا ومضت مع التيار شربت كئوس الذل حين تعلقت بثقافة مسمومة الأفكار إني أراها وهي تسحب ثوبها مخدوعة في قبضة السمسار إني أراها تستطيب خضوعها وتلين للرهبان والأحبار إني أرى فيها ملامح خطة للمعتدين غريبة الأطوار إني أرى بدع الموالد أصبحت داء يهدد منهج الأخيار وأرى القباب على القبور تطاولت تغري العيون بفنها المعماري يتبركون بها تبرك جاهل أعمى البصيرة فاقد الإبصار فرق مضللة تجسد حبها للمصطفى بالشطح والمزمار أنا لست أعرف كيف يجمع عاقل بين امتداح نبينا والطارِ كبرت دوائر حزننا وتعاظمت في عالم أضحى بغير قرار إني أقول لمن يخادع نفسه ويعيش تحت سنابك الأوزار سل أيها المخدوع طيبة عندما بلغت مداها ناقة المختار سل صوتها لما تعالى هاتفاً وشدا بألف قصيدة استبشار سل عن حنين الجذع في محرابه وعن الحصى في لحظة استغفار سل صحبة الصديق وهو أنيسه في دربه ورفيقه في الغار سل حمزة الأسد الهصور فعنده خبر عن الجنات والأنهار سل وجه حنظلة الغسيل فربما أفضى إليك الوجه بالأسرار سل مصعباً لما تقاصر ثوبه عن جسمه ومضى بنصف إزار سل في رياض الجنة ابن رواحة واسأل جناحي جعفر الطيار سل كل من رفعوا شعار عقيدة وبها اغتنوا عن رفع كل شعار سلهم عن الحب الصحيح ووصفه فلسوف تسمع صادق الأخبار حب الرسول تمسك بشريعة غراء في الإعلان والإسرار حب الرسول تعلق بصفاته وتخلق بخلائق الأطهار حب الرسول حقيقةٌ يحيا بها قلب التقي عميقة الآثار إحياء سنته إقامة شرعه في الأرض دفع الشك بالإقرار إحياء سنته حقيقة حبه في القلب في الكلمات في الأفكار يا سيد الأبرار حبك في دمي نهر على أرض الصبابة جاري يا من تركت لنا المحجة نبعها نبع اليقين وليلها كنهار سحب من الإيمان تنعش أرضنا بالغيث حين تخلفت أمطاري لك يا نبي الله في أعماقنا قمم من الإجلال والإكبار عهد علينا أن نصون عقولنا عن وهم مبتدع وظن مماري علمتنا معنى الولاء لربنا والصبر عند تزاحم الأخطار ورسمت للتوحيد أكمل صورة نفضت عن الأذهان كل غبار فرجاؤنا ودعاؤنا ويقيننا وولاؤنا للواحد القهار والسلام عليكم.
قال مقدم الحفل حفظه الله: شكر الله لشاعرنا الدكتور عبد الرحمن على هذه القصيدة وجزاه الله خير الجزاء.
أيها الإخوة لا يفوتني قبل أن نقدم لمجموعة من الطلاب امتحانهم، أن نرحب بوفد وفد إلينا من السودان البلد الشقيق، وعلى رأس هذا الوفد فضيلة الشيخ أبو زيد محمد حمزة نائب رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان.
كما لا يفوتني أيها الإخوة أن أرحب بوفد الدمام والخبر وعلى رأسهم فضيلة الشيخ محمد بن سليمان الشيحة.
والشيخ رياض بن عبد الرحمن الحقيب.
والشيخ عثمان السيف.
والشيخ محمد الدهيمان.
ومن الرياض أيضاً جاء إلينا قبل قليل كل من الدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل.
والشيخ محمد الفراج.
والشيخ عبد العزيز الوهيري، فأهلاً بالجميع ومرحباً.
أيها الإخوة: لا يفوتني أيضاً أن أشكر من أعماق قلبي أولئك التجار الذين ساهموا في دعم المشروعات الخيرية ومنها هذه المسابقة التي رأيتم شيئاً من برامجها، ومن هؤلاء وعلى رأسهم التاجر المعروف صالح بن عبد العزيز الراجحي.
والشيخ سليمان بن عبد العزيز الراجحي.
ودرع بن سليمان الدرع.
وعلي بن عبد الرحمن القرعاوي، وصالح السلمان، وعبد الله بن إبراهيم الجديعي.
وهؤلاء أيها الإخوة بذلهم وعطاؤهم مشهود معروف لدى الجميع.