وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم

ثانياً: وهذا لا يكفي، فقد يوجد إنسان يشهد بأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو رسول الله، لكنه لا يرى عليه وجوب اتباعه -لسبب أو لآخر- كمن يعتقد أنه رسولٌ إلى العرب خاصة، أو رسول في وقت معين، أو أنه جاء لبيئة معينة، وهذا موجود كثيراً عند ملوثي الأفكار من المنتسبين إلى الإسلام.

ومثله من يعتقد أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ليست واجبة، فليس ضرورياً أن نطيعه، فنحن نصدقه لكن لا نطيعه، فهذا غير مسلم بل هو كافر؛ فمن لم يلتزم بوجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كافر، كافر ولو اعترف بنبوته، واعترف برسالته وأحبه، فهو كافر إذا لم يعترف بوجوب اتباعه وطاعته ولم يلتزم بذلك.

ولذلك روى مسلم في كتاب الحيض من صحيحه عن ثوبان {أن حبراً من أحبار اليهود جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! إني سائلك، قال ثوبان: فدفعته دفعةً كاد يسقط منها، قال: ولم دفعتني؟ قلت له: ألا تقول: يا رسول الله، قال: إنما أسميه باسمه الذي سماه به أهله، قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن اسمي الذي سماني به أهلي محمد، قال: إني سائلك، قال: هل ينفعك إن حدثتك، قال: أسمع بأذني، قال: سل، فقال هذا الرجل: أين يكون الناس حين تبدل الأرض غير الأرض؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: في ظلمة دون الجسر -يعني الصراط- قال: فمن أول من يجوز -يعني يمضي على الصراط- قال النبي صلى الله عليه وسلم: فقراء المهاجرين، قال: فما تحفتهم أول ما يدخلون الجنة؟ قال: زيادة كبد الحوت أو النون، قال: فما طعامهم عليها؟ قال: ينحر لهم ثور الجنة الذي يأكل من أطرافها، قال: فما شرابهم؟ قال: من عين تسمى سلسبيلاً، قال: صدقت، ثم قال: إني سائلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: هل ينفعك إن حدثتك، قال: أسمع بأذني، قال: ما الذي يجعل الولد ذكراً أو أنثى؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا اجتمع ماء الرجل وماء المرأة فماء الرجل أبيض غليظ، وماء المرأة أصفر رقيق، فإذا علا ماء الرجل أذكر بإذن الله، وإذا علا ماء المرأة أنثى بإذن الله، فقال هذا الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: صدقت، وإنك لنبيٌ} .

بل في رواية عند الترمذي وغيره، أنهما كانا رجلين فقبلا يدي النبي صلى الله عليه وسلم ورجليه، وقالا له: إنك لنبي، ولكن مع اعترافهم بنبوته لم يطيعوه؛ إما لأنهم ينتظرون نبياً آخر بعده من بني إسرائيل -كما زعم بعضهم- أو لأنهم يخافون أن تقتلهم اليهود، أو للتعصب، وهذا هو الغالب.

والمهم أنهم لم يلتزموا بوجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فلم ينفعهم ذلك، ولذلك فإن التزام وجوب طاعته شرطٌ أساسي في صحة الشهادة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015