أولاً: الغرب صادق مع نفسه، وواضح، ومباشر، ومهتم بعرض المشكلات ومعالجتها في الهواء الطلق، بل والغرب يرصد الميزانيات الضخمة لمثل هذا العمل، ولدراسة المشاكل الموجودة وتحديدها، ويقيم المراكز، ويتيح لوسائل الإعلام، تلفزة أو صحافة، كل الوسائل التي تضمن قدرتهم على معالجة المشكلة وعرضها، أما نحن المسلمين فنعتمد أسلوب التعتيم، والتعمية، والتستر على المشكلات، ونعتقد أن الصمت، والزمن كفيل بحل المشكلات، مع أنه ربما يكون الصمت والزمن سبباً في زيادتها وتفاقمها.
مثال: أمة معرضة للخطر كتاب -كما قلت قبل قليل- يتحدث بعد إعداد من لجنة مكونة من ثمانية عشر خبيراً يمثلون جميع القنوات الغربية الأمريكية درسوا على مدى ثمانية عشر شهراً، ثم أعدوا تقريراً نشر في العالم، وفي جميع وسائل الإعلام يتكلم عن الخطر الذي يهدد الغرب، ويهدد أمريكا، من خلال عملية التعليم ويدعو إلى الإصلاح، وما قالوا: إنه تقرير سري، ولا خاص، ولا رأوا أن في نشره إثارة لفتنة، ولا تقليلاً من ثقة الشعب بحكومته.
مثال آخر: الموضوع الذي نتحدث عنه الآن، جاءتني الآن ورقة من أحد الإخوة يقول: إنك خلال كلمتك تحدثت عن مجموعة من الكتب التي نشرت في أمريكا، وهي تتحدث عن سقوط أمريكا وانهيارها، وتراجع اقتصادها، فلماذا لم يحاكم أولئك الذين كتبوا هذه الكتب؟ وهذا السؤال قرأته الآن، وهذا شيء عجيب، إن الغرب ربما يقدم جوائز لأولئك الذين ينتقدونه، والذين يتكلمون عن مشكلاته، وربما يتحدث عن كتبهم علانية، والناس يقبلون عليها، وأجهزة الإعلام تعرضها بطرق مختلفة، ولا يملك أحد أن يعترض على مثل هذه الأشياء.
فمفهوم التقهقر الغربي يعالج، ويطرح على خطورته، وعلى حساسيته، وأنهم يتناولونه بشيء من الحذر أحياناً، إلا أن الكتب والصحف والمجلات، أصبحت تتناوله بوضوح، لأنهم يدركون أن السكوت عن هذا، أو إغماض الأعين لا يعني أن الغرب أصبح يترقى، ولا يعني أن الانهيار توقف، فهم يرون أنه إن كان ولا بد من الانهيار، فليكن انهياراً نشهده نحن بعيوننا، ونسعى على الأقل في تخفيف حدته، أما أن نواجهه بالمشكلة بعدما استفحلت، وتعاظمت، وأصبحت مواجهتها كالمستحيل، فلا فائدة من ذلك.
وهناك ميزات أخرى في الحضارة الغربية لبسطها مقام آخر، ويفيدنا كثيراً التعرف عليها والاستفادة منها.
أسأل الله تعالى أن يعز الإسلام والمسلمين، وأن يذل الشرك والمشركين واليهود والنصارى والوثنيين والمنافقين وسائر أعداء الدين، آمين يا رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.