ولا بد من دعوة غير المسلمين إلى الإسلام، ودعوتهم إلى العقيدة الإسلامية التي هي الحل لكل المعضلات الفلسفية التي تعبث بعقولهم، ودعوتهم إلى المنهج الأخلاقي البديل عن الفساد، والانحراف، والفوضى، والأنانية الموجودة في بلاد الغرب، والذي يُؤمن لهم الرحمة، والتعاون، والأخوة التي يفتقدونها، ولا بد من دعوتهم إلى المنهج التعبدي الذي يربط الإنسان بربه في عالم الماديات والآلة.
ولابد من دعوتهم إلى الاقتصاد والسياسة على نمط الإسلام، وتقديم المنهج الإسلامي الصحيح من خلال معاهد ومؤسسات تطرح هذا الجانب، فالإسلام جذاب في كل شيء، كما هو جذاب في عقائده، هو جذاب أيضاً في أخلاقه، وفي عبادته، وفي منهجه للحياة، ولابد من تصحيح النظرة الغربية التي أصبحت موجودة لدى المواطن الغربي عن الإسلام والمسلمين.
ثم لا بد من الإفادة من معطيات العصر، ووسائل الإعلام، ووسائل الاتصال المختلفة، والتقنيات الحديثة واللغات في إيصال الدعوة إلى أولئك القوم وشرح الإسلام لهم، إن من المدهش والمحزن أن تجد مكتبات ضخمة في الكونجرس في أمريكا، وفي بريطانيا وفي غيرها، فيها كل كتب الدنيا، ثم إذا بحثت عن الكتب الإسلامية لا تجد أي كتاب موجود، وفي بعض الأحيان لا تجد إلا الكتب التي تمثل اتجاهاً خاصاً ككتب الرافضة -مثلاً- أو الإباضية، أو القاديانية، أو غيرهم من أهل البدع وأرباب الضلالة.
أولئك الطلاب أو غيرهم من الذين يذهبون من العالم الإسلامي إلى الغرب، ويقيمون في أوساط الأمم الغربية، دارسين أو موظفين: هل حملوا المشعل؟ أم أنهم منهزمون في داخلهم، منهزمون عقائدياً، وحضارياً، وإن كانوا يتكلمون بألسنتهم بغير ذلك؟ فلسان حال أحدهم يقول: أمتي هل لك بين الأمم منبر للسيف أو للقلم أتلقاك وطرفي مطرق خجلاً من أمسك المنصرم ويكاد الدمع يهمي عابثاً ببقايا كبرياء الألم أين دنياك التي أوحت إلى وتري كل يتيم النغم؟! كم تخطيت على أصدائه ملعب العز ومغنى الشيم وتهاديت كأني ساحب مئزري فوق جباه الأنجم حلم مر كأطياف السنا وانطوى خلف جفون الظلم أمتي كم صنم مجدته لم يكن يحمل طهر الصنم فاحبس الشكوى فلولاك لما كان في الحكم عبيد الدرهم إن الكثيرين يتكلمون بمثل هذه العبارات والكلمات والأقوال، أي أنهم منهزمون أمام الغرب، فهم لا يقدمون الإسلام بقوة، ولا يطرحونه بشجاعة في أخلاقهم، وسلوكهم، وأعمالهم، واتصالاتهم، وجهودهم هناك.