أما في تونس فالخطب عظيم، جاءتني تقارير مذهلة جداً خمسون ألف مسلم سجين هناك، وتؤكد الأخبار يوماً بعد يوم عن حرب الإسلام وأهله في تونس، الحريات صودرت والكرامات ديست، والمساجين قد صودرت أبسط حقوقهم، وهم في حالة يرثى لها، يعذبون صباح مساء، ويعتدى على حرياتهم الشخصية، ويجبرون على أعمال خسيسة حتى وصلت بهم الدناءة والخسة إلى درجة لا يصدقها إنسان، فأين المنظمات الدولية من هذا الأمر؟ امتلأت السجون بالشباب والفتيات من المسلمين، لا لشيءٍ إلا أنهم ينتسبون إلى الخير وأهله، ويطلق الشباب لحاهم، وأما الفتيات فيرتدين الحجاب.
صدرت قرارات سرية بمساءلة كل رجل يرى عليه لحية، وكل امرأة تلبس الحجاب، وصدر قرار بنزع الحجاب على رؤوس النساء جبراً وخاصة في المدارس والجامعات، بل وحتى في الشوارع، وتعرضت الفتيات لمضايقات من يسمون يسمى برجال المباحث والمخابرات، وصدرت قرارات سرية تدعو لملاحقة المتدينين والتجسس عليهم سواء كانوا من العلماء أم الشباب أم المساجد أم الجامعات، والويل لمن لا يطبق هذه القرارات، بل وصل الأمر إلى أن الكليات الإسلامية تجري مسابقة رياضية في كلية أصول الدين، والنساء من الطالبات في الكلية لبسن السراويل القصيرة التي تخرج نصف الفخذ من الفتاة، هذا كله لكي يبعد هؤلاء المدرسون عن أنفسهم التهمة؛ وليقولوا: إنهم ليسوا ضد القرارات السرية خوفاً من الطغيان حتى لا يزج بهم في غياهب السجون كما فعل بخمسين ألف سجين، والذي يزور تونس هذه الأيام لا يصدق أنه في دولة تدين الإسلام بسبب المحاربة العظيمة لجميع مظاهر الإسلام.
حدثني شباب تونسيون أنه الآن ولأول مرة ظهرت أفلام تونسية محلية تظهر فيها الفتاة المسلمة كما ولدتها أمها، وفي أحد الأفلام اسمه عصفور الصف -كما أخبروني- يقولون: ظهر فيه سبع لقطات عاريات لأول مرة في تاريخ تونس، وذلك ليقولوا للغرب: نحن دولة علمانية، نحن نفتح ذراعينا للسياحة الغربية، ونقول للسواح من كل الأجناس والأديان: تعالوا من أجل تنشيط الاقتصاد التونسي، وهانحن قضينا على المتطرفين الذين يشكلون لكم بعض الإزعاج.
وجاءتني أيضاً رسائل من بعض المضطهدين أو من يتصل بهم في تونس منها رسالة تتعلق بأوضاع النساء تقول: قامت قوات أمن الدولة باختطاف إحدى الأخوات زوجة أحد المجاهدين واقتادوها إلى الوزارة هناك، وتعرضت للضرب والتعذيب، وجردت من ثيابها، وضايقوها، وصورت بالفيديو على حالٍ سيئة لمساومة زوجها على أقواله أمام المحكمة وتحطيم معنوياته، مما أدى إلى إصابة تلك الأخت بانهيار عصبي ألزمها الفراش، علماً أنه قد تم تلفيق شريط لزوجها حين كان في السجن.
ثانياً: قامت عناصر من فرق الأمن باغتيال أخت أخرى وهي زوجة لأحد المؤمنين هناك، ومورست عليها شتى صنوف التعذيب، حيث تم تجريدها من ملابسها، واعتدي عليها بالضرب والحرق بالسجائر، وهددت بالاعتداء عليها جنسياً لأخذ معلومات حول مكان اختفاء زوجها، وقد تكررت هذه الممارسة العديد من المرات.
ثالثاً: تعرضت إحدى الزوجات خلال اعتقالها إلى حروق بليغة في صدرها تنكيلاً بها وبزوجها، وإضافة إلى آلاف من الحالات الأخرى التي يضيق الوقت بذكرها.
وهذا تقرير لمنظمة العفو الدولية! لم نسمع أية مؤسسة إسلامية مع الأسف الشديد تكلمت، ولا جهة خيرة ولا هيئة إسلامية دافعت، ولكن سمعنا هذا التقرير من منظمة العفو الدولية! وقد قمت بنفسي بإيصال هذا الخطاب إلى سماحة والدنا الشيخ عبد العزيز بن باز قبل نحو شهر أو شهرين، وطلبت منه مع بعض الإخوة الدعاة وطلبة العلم أن يكتب، وفعلاً كتب سماحة الوالد خطاباً إلى رئيس الدولة هناك يذكره بالله عز وجل، ويطالبه برفع الظلم عن المسلمين، وقد أخبرني آخر مرة التقيت به فيها قال لي: لم يأت رد منه حتى الآن، هذا التقرير من منظمة العفو الدولية وهي منظمة غير إسلامية يتكلم عن التعذيب في سجون تونس ولأن التقرير طويل وخطير ومزعج ولا يتسع المجال لقراءته فإنني أحيلكم إلى مجلة المجتمع عدد (106) فإنها قامت بنشر هذا التقرير أو نشر فقرات منه.
أخيراً وليس آخراً لأنه بقي أشياء كثيرة لا يتسع لها الوقت، فهناك موضوع يتعلق بالرياضة والاحتراف، وأنتم تعلمون أنه قد أقر قانون الاحتراف الآن، وسُمِحَ بمجيء اللاعب الأجنبي ليشارك في النوادي الرياضية السعودية، وهناك تصفيق صحفي على هذه القرارات الخطيرة قرار الاحتراف وقرار اللاعب الأجنبي، والذي كان معمولاً به ما بين 97 إلى عام 1402هـ، ومعنى ذلك أن النوادي سوف تستقبل أعداداً كبيرة من اللاعبين، وكثيراً ما يكونون من النصارى، تذكرون مثلاً ريتي رينو الذي كان يعمل هنا ويلعب هنا، يقول لي شاهد عيان: رأيته بعيني في أستاد جدة الرياضي، والله رأيته وأحد كبار لاعبي الكرة ينكب على قدميه ويقبلهما، كما رأيناه جميعاً وقد حمل على الأعناق في الصور، فهذا الآن يفتح المجال للاحتراف، وقد صفقت وهللت الصحف لمثل هذه القرارات، ونذكر أيضاً أن بعض اللاعبين كان يعطى ستين ألف ريال كمرتب فضلاً عن المخصصات الأخرى من أجل أن يشارك في أحد الأندية، ويقولون: إن هذا سوف يعطي دفعة جديدة للرياضة السعودية، وأقول: أي قيمة لرياضة مستعارة يكون الفائزون أولئك فضلاً عن أن الرياضة أصلاً رأينا فيها معروف، وقد أخذت أكبر من حجمها وأصبحت ملهاة للكثير من الشباب.
أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأصلي وأسلم على عبده محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.